نلقى الضوء على كتاب "سوريا قوة الفكرة: المشروع الوطنى والهندسات الدستورية للأنظمة السياسية" لـ كريم الأتاسى، والصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية، وينتمى إلى الكتب السياسية.
ويتضمن الكتاب تسعة فصول موزعة على قسمين، فضلا عن المقدمة والملاحق والمراجع والفهرس.
يقول الكتاب:
سوريا، فكرة اكتسبت قوتها من ذلك التاريخ الحافل بالحضارات المتعاقبة منذ آلاف السنين، ومن تلك الجغرافيا المحورية التى تشابكت فيها طرق التجارة والاحتكاك الحضارى وتلاقى القارات، فضلًا عن الأطماع الخارجية التى عبّرت عن نفسها بمشاريع استعمارية وأعمال عدوانية ضدها، فاقترن التاريخ فيها بالجغرافيا لتتوالد التجارب والذاكرات الجماعية التى أسست جميعها مشروعًا وطنياً وهويةً تنزع إلى التحرُّر والاستقلال وبناء دولةٍ وطنية ما لبثت أن عزّزت هذين الهوية والمشروع الوطنى عبر مخاض طويل من الحراك السياسى ومن الصراع والصمود فى وجه التهديدات الخارجية التى زادت بدورها من قوة هذه الفكرة.
وإذا كان الدستور فى أى بلد يمثّل – إضافة إلى كونه مجموعةَ القواعد الناظمة لفصل السلطات وللحكم ولشكل الدولة ودورها – الوثيقةَ الأكثر تعبيرًا عن هوية البلد وعن مشروعه الوطني، وعن خيارات الدولة التى تعبّر عن إرادة مواطنيها فى مختلف فئاتهم، فإن هذا الكتاب، الذى يقدِّم قراءةً تاريخية سياسية للدساتير السورية على مدى قرن من تجربة حياة الدولة الوطنية السورية فى حدودها القطرية، يقدِّم فى الوقت نفسه تأريخاً للتطورات والمخاضات السياسية وللأحداث الكبرى التى عرفتها سوريا هذه، وكان لها دور فى تحديث المشروع الوطنى السورى على مدى القرن الأخير مع الاحتفاظ بالثوابت الأساسية، وهو تحديثٌ انعكس بوضوح على صيغ الدساتير التى رافقت عهود تلك التحولات.
ويتابع الكتاب تطور مكوِّنات المشروع الوطنى السورى منذ الانفصال من الدولة العثمانية إلى اليوم وكيف كان يتم التعبير عن هذا المشروع فى الأنظمة السياسية المتعاقبة على حكم سورية وفى الدساتير التى كانت هذه الأنظمة تضعها لحكمها وفى الهندسات الدستورية لتلك الأنظمة مثل القوانين الانتخابية وقوانين الأحزاب. يلقى الكتاب الضوء على برنامج دمشق لعام 1919 كنص يحتوى على المقوِّمات الأساسية للمشروع الوطنى السوري، مرورًا بأول دستور وُضع للمملكة العربية السورية، ومن ثم الدساتير الجمهورية التى وُضعت للدولة السورية القطرية منذ عام 1928، وصولًا إلى آخر دستور عرفته البلاد عام 2012 وما أعقبه من مشاريع دساتير لم تجد طريقها إلى الإقرار.
ويخوض الكتاب فى مختلف المحطّات السياسية المفصلية التى عرفتها سوريا، وصولاً إلى الحرب الأهلية ذات الأبعاد الإقليمية والدولية التى تدور رحاها على أرضها منذ عام 2011 حتى اليوم، ملخّصًا الاقتراحات المطروحة لخروج البلاد من هذه الأزمة من خلال دستور جديد ومؤكدًا أهمية تعزيز المشروع الوطنى السورى وتحديثه انطلاقًا من الثوابت التى وضعها الآباء المؤسسون للدولة السورية.