يعرف الكاتب البريطانى الراحل تشارلز ديكنز الذى تحل اليوم ذكرى ميلاده بأنه واحد من كبار أدباء عصره بل يعد من خيرة أدباء بلاده وأشهرهم على مر العصر، فصاحب قصة مدينتين وأوقات عصيبة لم تتوقف طباعة أعماله منذ بدايات ظهورها في القرن التاسع عشر لكن كيف كانت طفولة ديكنز وكيف أثرت في وجداته ودفعته إلى الكتابة الأدبية؟
ولد الأديب الإنجليزى تشارلز ديكنز في "لاندبورت بورتسي" في جنوب إنجلترا فى 7 فبراير من عام 1812 لأبوين هما جون وإليزابيث ديكنز وكان ثاني أخوته الثمانية، وعاش طفولة بائسة لأن أباه كان يعمل في وظيفة متواضعة ويعول أسرته كبيرة العدد لهذا اضطر إلى السلف والدين ولم يستطع السداد فدخل السجن، لهذا اضطر لترك المدرسة وهو صغير وألحقه أهله بعمل شاق بأجر قليل حتى يشارك في نفقة الأسرة، وكانت تجارب هذه الطفولة التعسة ذات تأثير في نفسه فتركت انطباعات إنسانية عميقة في حسه والتي انعكست بالتالي على أعماله فيما بعد.
وقد كتب تشارلز عن هذه الانطباعات والتجارب المريرة التي مر بها في أثناء طفولته في العديد من قصصه ورواياته التي ألفها عن أبطال من الأطفال الصغار الذين عانوا كثيرا ً وذاقوا العذاب ألوانا ً وعاشوا في ضياع تام بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة التي كانت سائدة في إنجلترا في عصره.
وبالرغم من المشقة التي كان يعاني منها في طفولته إلا أنه كان يستغل أوقات فراغه من العمل الشاق، فينكب على القراءة والاطلاع على الكتب كما كان يحرص على التجول وحيدا ً في الأحياء الفقيرة بمدينة الضباب لندن حيث يعيش الناس حياة بائسة مريعة وخارجة عن القانون في بعض الأحيان.
وكان قد تأثر بالقوانين الليبرالية في عصره فوصف بيوت العمل التي نشأت وفق قانون الفقراء الإنكليزي لسنة 1834 في روايته الشهيرة أوليفر توست وفي العديد من القصص والروايات التي كانت من إبداعاته وصف ديكنز هذه الأحياء الفقيرة بكل تفاصيلها وبكل المآسي التي تدور فيها، وعندما وصل إلى سن العشرين تمكنت الأسرة أخيرا ً من إلحاقه بأحد المدارس ليكمل تعليمه.
وفي نفس الوقت كان يعمل مراسلا ً لإحدى الجرائد المحلية الصغيرة لقاء أجر طفيف أيضا ً، ولكنه لم يهتم بالأجر فلقد تفانى في هذا العمل الصحفي الذي كان بمثابة أولى خطواته لتحقيق أحلامه فقد كان بمثابة تمرين له على حرفة الأدب، ولقد أتاح له هذا العمل الصحفي أن يتأمل أحوال الناس على مختلف مستوياتهم الاجتماعية والأخلاقية فخرج بالعديد من التجارب الإنسانية والأخلاقية التي وسعت آفاقه ومداركه الأدبية والحياتية.