ربما لا يحظى أحد من الكتاب والمفكرين الذين ظهروا خلال المائة عام الأخيرة، بنفس شهرة سلمان رشدي خاصة فى الوطن العربى، ولعله يتفوق على أسماء مثل برتراند راسل، وجان بول سارتر، ألبير كامو، أرنست همنجواي، فربما في عالمنا العربي أو في دولة مثل جزر القمر لايتجاوز عدد من يعرفون سارتر مثلا مئة أو مئتي ألف، قرأوا عنه في مجلة أو صحيفة، لكن السواد الأعظم من سكان الكوكب يعرفون سلمان رشدى، تلك الكاتب الذي تظاهر ملايين المسلمين في ربوع العالم الإسلامي احتجاجا على روايته "آيات شيطانية"، والتى صدرت فتوى بوجوب قتله، فاختبأ عشرين عاما.
يعد سلمان رشدي أحد الكتاب الأكثر شعبية وإثارةً للجدل في القرن العشرين، وهو مؤلفٌ وروائي بريطاني هندي، كتب العديد من الروايات والقصص القصيرة التي استمرت في جذب اهتمام كلٍّ من النقاد والجمهور حتى الآن، قدرته على الجمع بين الواقعية السحرية والخيال التاريخي جعلته كاتبًا فريدًا وذو طابعٍ خاص.
ورغم دخول رشدي عالم الأدب كان في عام 1975، وعلى الرغم من أن كتابه الأول لم يحظَ بتلقٍ إيجابي كبير، إلّا أنّ رشدي عاد بقوة مع روايته "آيات شيطانية" التي نشرها سنة 1988 وحاز عنها على جائزة ويتبيرد لكن شهرة الرواية جاءت بسبب تسببها في إحداث ضجة في العالم الإسلامي حيث اعتبر البعض أن فيها إهانة لشخص رسول الإسلام محمد.
ورغم الاحتفاء التي حظيت به روايته "أطفال منتصف الليل " إلا أن العديد من النقاد لايتعاملون مع أعماله كأدب "فائق الجودة" وكما أن الشهرة التي اكتسبها خلال ربع القرن الماضي تعزى إلى كتابه "آيات شيطانية" الصادر في 16 سبتمبر عام 1988، وهي الرواية التي أثارت احتجاجات هائلة في أنحاء العالم الإسلامي، حيث اشتعلت المظاهرات في شبه القارة الهندية، وسقط العشرات من القتلى والمصابين خلال مظاهرات غاضبة في باكستان.
واضطرت السلطات الهندية تحت وطأة غضب عشرات الملايين من المسلمين وضغوط جماعة "جنت" المسلمة إلى منع تداول الكتاب، وطالب علماء الدين في المملكة العربية السعودية بمحاكمة سليمان رشدي.
على الجانب الآخر أصبح اسم سلمان من الاسماء صاحبة اليد العليا فى المبيعات فى مختلف أوروبا، الرواية ذاتها "آيات شيطانية" ترجمت إلى عدة لغات أجنبية وعربية، وحققت نجاحات كبيرة.
أما الجانب الأكثر إشراقا ربما للكاتب، هو تكريمه أوروبيا، مما جعله فى مصاف الكتاب العالميين، فرغم حصوله على البوكر عام 1981، إلا أنه لم يكن ليحقق تلك النجاحات بعد ما حدث له بعد الرواية، حيث تم تكريمه بوسام الفنون والآداب الفرنسى، حصل كما منحة توغولوسكى للآداب السويدية حصل عليها سنة 1992، وجائزة آريستون عن المفوضية الاوربية حصل عليها سنة 1996، وفى يونيو 2007 منحته ملكة بريطانيا لقب "فارس" مما أثار ضجة جديدة فى العالم الإسلامى.