لا تزال المرأة فى المجتمعات العربية تعانى من التهميش وفرض السلطة الذكورية عليها، وعلى مدار العصر الحديث كان هناك الكثيرون ممن نادوا بضرورة تحرير المرأة، والتحرير الحقيقى يكمن فى تحرير المجتمع فعلى المرأة ألا تحتمى تحت شعارات وهمية وهى داخل دائرة قد سيجها المجتمع بتقاليده.
وخلال التقرير التالى نوضح بعض الكتب التى تناولت قضايا المرأة، وحركة تحريرها داخل المجتمعات العربية فى القرن العشرين:
تحرير المرأة
كتاب لقاسم أمين فى الإصلاح الاجتماعي، أثار ضجةً كبيرةً وقت ظهوره ليس فقط بين أوساط المثقفين ولكن أيضًا بين عَامَّة الناس؛ نظرًا لتناول الكتاب موضوع المرأة بصورة غير مألوفة لما تدرجت عليه الأدبيات الاجتماعية المصرية السائدة فى ذلك الوقت، حيث حاول قاسم أمين فى هذا الكتاب أن يلفت النظر إلى الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية التى تعيشها المرأة المصرية آنذاك، إذ كانت تعانى قهرًا اجتماعيًّا نابعًا من العادات والتقاليد الموروثة المرتبطة فى أحيان كثيرة بالفهم الخاطئ لللموروث الدينى والقواعد الأخلاقية السليمة، وقد تطرق قاسم أمين لهذه الأوضاع التى فرضت قيودًا على حركة المرأة داخل مجتمعها ووطنها، ومنعتها من تأدية دورها النهضوى فى بناء الأمة من أجل فهمها وتشخيصها، ومن ثمة معالجتها وإصلاحها.
ظلمات وأشعة
وتولى الأديبة مى زيادة فى هذا الكتاب اهتمامًا كبيرًا بقضايا المرأة الشرقية، فتركز على توعية المرأة بممارسة حقوقها المجتمعية كحقها فى الحياة الكريمة والحرية، كما تناقش الكاتبة كيفية مساهمة المرأة فى العصر الحديث فى التقدم الحضارى والاجتماعى والسياسى والثقافى فى الشرق، كل ذلك تستعرضه كاتبتنا بأسلوب بديع وأخاذ بعيد عن التكلف.
المرأة والعمل
شُغِلت "نبوية موسى" بقضية المرأة وتعليمها شُغلا كثيرًا، وذلك لما أصاب وضع المرأة المصرية من الجمود والتخلف على إثر عادت ومفاهيم كرَّست لعدم صلاحية المرأة لغير أعمال المنزل والتربية، وعبر عرضٍ تحليلى مُفَصَّل بدأته الكاتبة باستعراض مكانة المرأة فى الأمم السابقة، وكيف كان اهتمامهم بالمرأة عاملًا لتقدم الشعوب وازدهارها، ثم أقامت عماد الكتاب على نقطتين مهمتين؛ أولاهما أن المرأة كالرجل لا تختلف عنه فى القدرات العقلية، ولا يتفوق عليها الرجل ذكاءً لمجرد كونه رجلًا، والثانية أن المرأة تستطيع أن تمارس غير مهنة، وأن تحترف غير حرفة، وهذه الأفكار ليست ببعيدة عن حياة "نبوية موسى"؛ إذ تعرَّضت هى نفسها لمواقف تحطُّ من قدرها كمرأة، فكانت بأفكارها هذه تتصادم مع أفكار مجتمعها وطباعه، إلا أنها تظل إحدى أهم رائدات العمل النسوى المصرى على مرِّ التاريخ.
تؤام السلطة والجنس
مثَّلَ ثالوث "السلطة – الجنس – الدين" نقطةً مهمة فى تقديم الدكتورة نوال السعداوى لأفكارها التحرُّرية، وهو ما جعل هذا الطرح صادمًا لدى الكثيرين، وجاء ربطها التاريخى بين هذه الثلاثة كتأطير لتجاربها الشخصية التى أكَّدَت لديها بشكلٍ ما صحةَ ما ذهبَتْ إليه، وقد مزجَتْ فى عرضها هذا بين دراستها للطِّب واهتمامها بمصادر التراث والتاريخ والأدب، ووظَّفت كلَّ هذا فى الدفاع عن حقوق المرأة، تلك الحقوق التى ترى السعداوى أنه على الرغم من حصول المرأة على جزءٍ كبير منها، فإنه يبقى الكثير لم تحصل عليه بعد؛ وهى لا تُفرِّق فى ذلك بين المرأة فى المجتمعات العربية والمرأة فى المجتمعات الغربية. وثَّقت السعداوى كلَّ هذا فى مقالاتها المجموعة بين دفتَى هذا الكتاب، والتى نشرتها خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.