بعدما أعلنت البعثة الأثرية المصرية العاملة بمعبد الأقصر بأنها عثرت على مجموعة من الآثار الملكية المهمة، من بينها مائدة قرابين ترجع للعصر الرومان، وأيضًا لوحة جنائزية من الجرانيت الأسود ترجع لعصر الدولة الحديثة، يصور عليها لأول مرة كلا من الملك تحتمس الرابع وأمنحتب الثانى معاً فى منظر لتقديم القرابين للإله آمون وهو جالسا على كرسي العرش، حيث يظهر الملك تحتمس الرابع وهو يقدم الخبز، والملك أمنحتب الثانى وهو ممسكا بالبخور بيده اليمنى وبالأخرى يقدم الماء، فما هي قصة الملكين؟.
الملك تحتمس الرابع
الملك تحتمس الرابع هو ابن أمنحتب الثاني، من الأسرة الثامنة عشرة عصر الدولة الحديثة، وتروى لنا (لوحة الحلم) التى أقامها الملك تحتمس الرابع بين أقدام تمثال أبى الهول بالجيزة، أنه عندما كان أميراً صغيراً، نام فى ظلال هذا التمثال الضخم، أثناء رحلة صيد فى الصحراء القريبة، فظهر له أبو الهول فى حلمه، وأمره بإزالة الرمال التى تغطى جسمه، مقابل أن يصبح الملك التالى على عرش البلاد.
عثر على المومياء عام 1898فى مقبرة أمنحتب الثانى (KV 35) بوادى الملوك، وكانت فى حالة جيدة، واتضح أن الملك مات شابًا بين منتصف العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من عمره، و لا يزال وجهه المحفوظ جيدًا بابتسامة طفيفة، وشعره الغزير بنى باحمرار داكن، تم تحنيطه فى الوضع الملكي، مع تقاطع الذراعين على الصدر.
أمنحتب الثانى
أمنحتب الثانى، الذى يعد من أشهر فراعنة الدولة الحديثة المحاربين وعرف باسم "الملك الرياضى"، وورث إمبراطورية كبيرة عن والده سيد ملوك مصر المحاربين الفرعون الأشهر الملك تحتمس الثالث، وشن حملات عسكرية قليلة فى سوريا.
يقول كتاب "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون" للدكتور حسين عبد البصير، عرف عن الملك أمنحتب الثانى أنه كان محبًا جدًا للألعاب الرياضية، فكان الملك رياضيًا قوى البنيان، وكان يجيد ركوب والتعامل مع الخيل، وكان من ضمن هواياته الذهاب إلى الحرب على اعتبار أنها رياضة مسلية كما كان يراها.
وأضاف الدكتور حسين عبد البصير: حاول أمنحتب الثانى الاحتفاظ بالإمبراطورية الأسيوية التى امتلكها عن والده الملك تحتمس الثالث العظيم وذلك باستخدام القسوة فى سحق أى تمرد قد يبدر ضده، فنراه فى السنة الثالثة من حكمه يرسل حملة إلى شمال سوريا، وكانت تلك أول الحروب التى شنها على آسيا، ووجدنا نقوشًا فى أعمدة إلفنتين وفى أرمنت، يفخر فيها الملك الرياضى أمنحتب الثانى بقتله سبعة أمراء من شمال سوريا، وقاد فى العام السابع من حكمه حملة إلى فلسطين فأخضع أمراءها، ثم استولى عليها فى مدة قصيرة، ثم عبر النهر، ثم استولى على العديد من البلدان والقرى.
ثم اتجه بعدها إلى مدينة قادش الشهيرة التى ما إن علم أهلها بوجوده حتى ذهبوا يقدمون له يمين الولاء والطاعة، وبعد ذلك اتجه الفرعون الرياضى إلى إلفنتين وعاد منها بغنائم كثيرة لمصر العظيمة، وفى العام التاسع من حكمه، أرسل حملة ثانية إلى شمال فلسطين لإخماد ثورة قامت فيها، فهزم أهلها هزيمة نكراء، وأخذ منهم أسرى يقدر عددهم بتسعين ألف أسير، ووصل بجيشه إلى نهر الفراتببلاد النهرين "العراق حاليًا".
ونتيجة لانتصاراته المدوية، أسرع إليه أمراء آسيا محملين بالهدايا ومقدمين إلى جلالة الفرعون الرياضى فروض الولاء والطاعة، وبعد العام التاسع من حكمه، توجه الملك أمنحتب الثانى إلى الاهتمام بشئون البلاد الداخلية بعد أن شعر بالرضا عن إنجازاته الحربية التى جلبت له الاستقرار والراحة والأمان فى أرجاء الإمبراطورية المصرية الفسيحة.
رحل الملك أمنحتب الثانى بعد أن حكم مصر لمدة 25 سنة، ودفن فى مقبرة بوادى الملوك وهى المقبرة رقم 35، وقد تم نحت هذه المقبرة فى الصخر وتم تزيينها بصور مجموعة كتب العالم الآخر.
وقد اكتشف هذه المقبرة فيكتور لوريه فى عام 1898م، ولعل أهمية هذه المقبرة ترجع إلى أنه فى إحدى الحجرات الجانبية فى هذه المقبرة، تم اكتشاف خبيئة لمومياوات الفراعنة وعثر بها على عدد كبير من المومياوات معظمها لملوك نقلوا إلى مقبرته منهم ابنه تحتمس الرابع، وحفيده أمنحتب الثالث وزوجة الأخير الملكة تى، والملوك سبتاح ومرنبتاح ورمسيس الرابع والخامس والسادس وسيتى الثانى وست نخت، بالإضافة إلى صاحب المقبرة الذى وجد داخل تابوته وحول عنقه أكليل من الزهور.