في وسط الصدام المحتدم على الجانبين الروسى والأوكرانى، استعاد الكثير التاريخ، وبدأ التفتيش في الحقب الماضية، وكيف كانت أوكرانيا تحت سيطرة الاتحاد السوفيتى، وتحليل أحداث الثورة الروسية التي كانت بداية تأسيس تلك الإمبراطورية الشيوعية التي انهارت في مطلع التسعينات من القرن المنقضى.
وهناك العديد من الروايات التي تناولت تلك الحقبة التاريخية، ولعل من أبرزها رواية الأديب البريطاني المعروف جورج أورويل "عالم تسكنه الحيوانات"، والذى تحدث فيها عن الثورة الروسية وسلطة ستالين أول زعيم للدولة السوفيتة الموحدة.
وترمز الرواية إلى قصة الثورة الروسية وخداعها للفرد تحت حكم ستالين، حيث انتهت الثورة التى قامت من أجل العدالة الاجتماعية إلى النقيض تماما من ذلك، حالها مثل العديد من الثورات التى نشبت فى العالم.
والرواية إسقاط على الأحداث التي سبقت عهد ستالين وخلاله قبل الحرب العالمية الثانية، ولا تعرض الرواية وحسب فساد الثورة على أيادي قادتها بل كذلك إلى كيف يدمر الانحراف واللامبالاة والجهل والطمع وقصر النظر أي أمل.
وتبين الرواية فساد القادة كنقيصة في الثورة "لا يعيب فعل الثورة ذاته"، وتبين كذلك كيف يمكن للجهل واللامبالاة بالمشكلات في الثورة أن تؤدي إلى وقوع فظائع إن لم يتحقق انتقال سلس إلى حكومة الشعب.
وتعد الرواية مثالا من الأدب التحذيري على الحركات السياسية والاجتماعية التي تطيح بالحكومات والمؤسسات الفاسدة وغير الديمقراطية إلا أنها تؤول إلى الفساد والقهر هي ذاتها بسقوطها في كبوات السلطة فتستخدم أساليب عنيفة ودكتاتورية للاحتفاظ بها.
وضربت الرواية أمثلة واقعية من المستعمرات الأفريقية السابقة مثل "زمبابوي، جمهورية الكونغو الديموقراطية" التي تولى عليها رؤساء محليون كانوا أكثر فسادا وطغيانا من المستعمرين الأوربيين الذين كانوا قد طردوهم.
وجورج أوريل هو الاسم الأدبي المستعار الذى اشتهر المؤلف والكاتب أريك بلير، وقد ولد بالهند سنة 1903 وتلقى تعليمه فى كلية إيتون، وفى عام 1945 ذاع صيت جورج أوريل، حين نشرت له قصة مزرعة الحيوانات، حيث بيع منها أكثر من مليونى نسخة، ثم حظي كتابه "1948" كذلك بشهرة كبيرة ونجاح مماثل، ونال الاهتمام حين أخرج فى السينما والتلفزيون. وقد جمعت رسائله ومقالاته وأعماله الأدبية فى مؤلف من أربعة أجزاء.