نفى الدكتور محمد رضا مدير معهد المحاصيل الحقلية التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية نبأ العثور على قمح فرعوني في مقابر أثرية، أو ضمن محتويات أثرية تم اكتشافها مؤخراً، مشيراً إلى أن الأمر لا يعدو كونه سراباً وأن السير خلف تلك الشائعات لن يفيد في شيء وإضاعة للوقت، فمن غير المنطقي علمياً احتفاظ القمح بجنينه أو حتى بحالته لمدة تصل إلى عشرات السنين، فما بالك بـ4 آلاف عام.
وبعض المؤرخين يروا أن النبي يوسف عاش في الفيوم، لأنه عاش في مصر في عصر الدولة الوسطى التي كانت في حالة من الازدهار، وفي ذلك الوقت كانت الفيوم مليئة بخيرات الأرض وبها كثير من مخازن الغلال، ولكنها اجتهادات غير موثقة، علماً أن فرضية أن النبي يوسف كان يعيش في مدينة الفيوم تتفق مع مرويات شعبية أوردها كثير من الرحالة والمؤرخين العرب في هذا السياق، بعدما تأثروا بالموروث الشعبي المتخم بالحكايات التى ربطت بين المدينة ويوسف.
بوجود سيدنا يوسف عليه السلام، على خزائن الأرض وتوليه المسئولية، عن توفير الغذاء والمؤن والحبوب ــ كما قال الدكتور على إبراهيم الأستاذ بجامعة الأزهر ــ اقترح على عزيز مصر وقتها، وخاصة بعد رؤيته أن البلد سيمر بسنوات مجاعة وقحط، وسوف يستمر لمدة 7 سنوات، طلب زراعة القمح بكثافة وفى مساحات كبيرة، أكثر من التى كان يتم زراعتها كل عام، مع تخصيص جزء من المحصول للاستهلاك اليومى والشهرى، بينما يتم تجنيب جزء آخر من المحصول وتركه فى سنابله كطريقة جديدة للتخزين وحفظ القمح من التلف وعدم التسوس، وبالفعل تمت هذه الطريقة، وظل القمح لحوالى 15 عاماً سليماً من التلف والضرر وعدم التسوس.
وذكر المؤرخ المصري ابن إياس في كتابه بدائع الزهور أن يوسف بنى مدينة الفيوم، وقيل إنها بنيت بالوحي إليه على لسان جبريل، ثم عمرّها في مدة يسيرة، فلما تم بناؤها، ركب ونظر إليها الملك وصار يتعجب، فقال ليوسف هذا كان يعمل في ألف يوم فسميت بذلك الفيوم، ولكن يرى البعض أن إن المصريين عرفوا تخزين الحبوب قبل مجيء سيدنا يوسف إلى مصر بزمن طويل، إذ عثر على وثائق من عصر الأسرة الحادية عشرة تذكر أن مجاعة حدثت في مصر، وأن المصريين احتاطوا لذلك فبنوا مطامير لتخزين الحبوب في مدينة الفيوم، بلغ عددها 165 مخزناً يعود تاريخها إلى الألف الخامسة قبل الميلاد.
وقال اليعقوبي: كان يقال في متقدم الأيام: مصر والفيوم؛ لجلالة الفيوم وكثرة عمارتها، وبها القمح الموصوف، وبها يُعمل الخيش، وحكى المسعودي أن معنى الفيوم ألف يوم. قال القضاعي: الفيوم، وهي مدينة دبرها يوسف — عليه السلام — بالوحي، وكانت ثلاثمئة وستين ضيعة تَمِير كلُّ ضيعة منها مصر يومًا واحدًا، فكانت تمير مصر السنة، وكانت تروى من اثنتي عشرة ذراعًا، ولا يستبحر ما زاد على ذلك، فإن يوسف — عليه السلام — اتخذ لهم مجرى ورتبه ليدوم لهم دخول الماء فيه، وقوَّمه بالحجارة المنضدة، وبنى به اللاهون.
وقال ابن رضوان: الفيوم يخزن فيه ماء النيل، ويزرع عليه مرات في السنة، حتى إنك ترى هذا الماء إذا خلا يغير لون النيل وطعمه، وأكثر ما تحدث هذه الحالة في البحيرة التي تكون في أيام القيظ سفط ونهيا، وصاعدًا إلى ما يلي الفيوم، وهذه حالة تزيد في رداءة أهل المدينة — يعني مصر — ولا سيما إذا هبت ريح الجنوب، فإن الفيوم في جنوب مدينة مصر على مسافة بعيدة من أرضها.