رسم الأشرار في الروايات والقصص، هو تحدى للكاتب والأديب، فكيف يجسد على الورق نفسية شخصية شريرة بتعقيداتها النفسية المركبة، وتضعها أمام العديد من التساؤلات، هل تستفز الشخصية الشريرة الروائى عند كتابتها؟ وهل يشعر حقا بكراهيتها مثلما يشعر القارئ أم أنها تعكس جزءًا من شخصيته مظلم لا يعلمه أحد؟
والحقيقة أنها على مدار تاريخ الأدب العالمى، هناك تحولات فى كتابة نموذج الشخصية الشريرة على مستوى الرواية عربياً وعالمياً وهو ما نرصده تاليًا من خلال أشهر أعمال الأدب العربى والعالمى:
سعيد مهران
المظلوم "سعيد مهران" الذى حمل كل ما أراده الروائى من أفكار لم تؤثر على صناعة الحدث وسير الحكاية، فقد أخلص نجيب محفوظ لحكايته وتطورها الدرامى مع عمق دراسته للشخصية ولم تكن الأفكار المطروحة ثقيلة عليها، لقد قرأ اللص سعيد مهران تلالاً من الكتب على حدِّ تعبيره حين كان صديقاً لرؤوف علوان وهو ما يبرر طريقته فى التّفكير وفلسفته وتحليله للأمور.
المرأة التى غلبت الشيطان
ثم يأتى الحكيم بأسلوبه الفلسفى فى مجموعته القصصية أرنى الله ليظهر بقصة قصيرة تحولت إلى فيلم سينمائى فيما بعد وتحمل اسم "المرأة التى غلبت الشيطان" وصور فيها المرأة فى صورة الأفعى، ونلاحظ أن تلك الحوارات نابعة من ذات المؤلف، وتوضح – إلى حد ما – وجهة نظره فى المرأة، المرتبطة بالغواية والدهاء، وإن تم هذا بأسلوب ساخر وبسيط وسلس ومرح ودون افتعال شفيقة خادمه فقيرة قبيحة الشكل تعمل فى بيت الراقصة زيزيت.
باتريك بيتمان المعتوه الأمريكي
إنه مصرفي استثماري ضحل ونرجسي وجشع، وأيضًا عنصري، وكاره للنساء، ومعاد للسامية، وكاره للمثليّين، وأيضًا ساديّ وقاتل وأكل لحوم البشر، ومحب هيوي لويس، إنه أيضًا مثير للشفقة بشكلٍ غريب، لا يمكن أن يصبح أسوأ من ذلك كشخص - ولكن كشخصية، فهو مسلٍ إلى ما لا نهاية.
الجنرال خريف البطريرك
إنه خوسيه إجناسيو ساينز دي لا بارا، الأكثر تعطشًا للدماء، لكن الجنرال (الكون) الذي لم يذكر اسمه هو الشرير الأكثر إقناعًا في هذه الرواية: طاغية طويل العمر يتمتع بسيطرة سحرية على السكان، وحتى المناظر الطبيعية التي تفتح أزهارها مبكرًا، لأنه سئم الظلام وأعلن أن الوقت قد تغير؛ الذي يبيع البحر للأمريكيين. إنّه غير سعيد. يعتبر نفسه إلهًا. لحسن الحظً، نقضي الرواية بأكملها تقريبًا داخل دماغه الملتوي.
همبرت هامبرت في رواية لوليتا
عبقرية هوم العجوز هي كم هو مقنع -هذا على الرّغم من الشيء المروّع الذي يقضي الرواية بأكملها يفعله (خطف فتاة صغيرة قتل والدتها، وقيادتها في جميع أنحاء البلاد وإقناعها بعمل أفعال جنسية، وجلد نفسها وتهنئ نفسك بنفس القدر)، فأنت مفتون به، نصف مقتنع، حتى بخطبه القديمة العظيمة عن إيروس وقوة اللغة. في النهاية، بالطبع، لا يكفي أي قدر من أسلوب النثر الفاخر لتجعلك تنسى أنه قاتل وأسوأ من ذلك، ولكن بالنّسبة لهذا القارئ، من دواعي السّرور أن تصل إلى هناك.