هو صاحب النكبة العربية الأكبر فى القرن الحديث، الرجل المسئول عن شعب بأكمله، السياسى الذى دمر المنطقة وجعلها منطقة صراعات دائمة، والذى تسبب فى موت عدد كبير من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطينى، أنه وزير الخارجية البريطانى الأسبق، وصاحب الوعد الجائر بتوطين اليهود فى فلسطين، آرثر بلفور.
وتمر اليوم الذكرى الـ92 على رحيل تولى آرثر جيمس بلفور، حيث رحل فى 19 مارس عام 1930، عن عمر يناهز 81 عاما، وهو سياسى بريطانى، تولى رئاسة الوزارة في بريطانيا من 11 يوليو 1902 إلى 5 ديسمبر 1905، عمل أيضاً وزيراً للخارجية من 1916 إلى 1919 في حكومة ديفيد لويد جورج. اشتهر بإعطاء وعد بلفور الذي نص على دعم بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
حين تولى "بلفور" منصب وزارة الخارجية في حكومة لويد جورج في الفترة من ديسمبر1916 إلى 1919 وعده المعروف بـ"وعد بلفور" عام 1917 انطلاقا من تلك الرؤية، كانت أول زيارة لبلفور إلى فلسطين عام 1925 حينما شارك في افتتاح الجامعة العبرية.
لكن قبل زيارته إلى فلسطين، مر على مصر أولا، فكيف استقباله المصريين، وكيف كانت تفاصيل زيارة صاحبة النكبة العربية لمصر؟
ذهب آرثر بلفور، أولاً إلى الإسكندرية بعد ظهر الإثنين 23 مارس 1925، وكان في استقباله وفدٌ من المنظمات الصهيونية في مصر وطلاب المدارس اليهودية يرأسهم حاخام، ولدى وصول السفينة أسپريا الساعة 4 عصراً صعد الحاخام إلى السفينة للترحيب به، وبعد استقبالٍ دام ساعتين -لم يحضره سوى تنظيماتٌ صهيونية- سافر في عربة قطار مجهزة خصيصاً إلى القاهرة حيث نزل ضيفاً على اللورد اللنبي وزوجته، في القاهرة قامت مظاهرات عارمة منددة بوصوله كان أكبرها في حديقة الأزبكية.
يروي محمد علي طاهر -صاحب جريدة الشورى- الذي كان بين المتظاهرين الرواية التالية: "أمر مدير شرطة الأزبكية ضباطه بسحلي في الشوارع إلى قسم الشرطة بدلاً من نقلي في إحدى عربات الشرطة، فجروني إلى القسم في هذاالوضع المهين، والنساء محيطون بي، وقد عاملوا زميلي أمين افندي عبد اللطيف الحسيني -شقيق مفتي القدس- بنفس الطريقة. وفي قسم الشرطة رفض مأمور القسم أن يكتب محضراً ويطلق سراحنا ولا حتى بدفع كفالة، وبدلاً من ذلك صادر أوراقنا الشخصية وسجائرنا واحتجزنا في زنزانة الحجز حتى اليوم التالي".
وعلى هذه النقطة الخلافية، غادر قطار بلفور متجهاً إلى فلسطين، وقد عولجت الرحلة ببعض التفصيل في مختلف الدراسات التاريخية، وأبرزها "الحركة الوطنية الفلسطينية 1917-1936" بقلم عادل غنيم. إلا أن التفصيل الكامل كما سجلته الأهرام يستحق تمحيصاً دقيقاً.
"وبينما كان القطار المقل لبلفور يتقدم نحو فلسطين انهالت رسائل وتلغرافات الاحتجاجات على مكاتب الأهرام. كانت إحداها مرسلة باسم الجالية السورية في مصر وتخاطب بلفور: "نحن ندين إعلانك الجائر، ولن نتخلى عن حقوقنا السليبة وسنواصل نضالنا للنهاية على أمل تحقيق طموحاتنا القومية." وكان التلغراف موقعاً من أكثر من 20 شخصاً -بينهم شكري القوتلي- الذي سيصبح لاحقاً رئيس جمهورية سوريا، وتلغراف آخر أرسلته الجالية الأردنية في مصر مذكرةً بلفور بأنه في طريقه إلى "البلد الذي دمر وعدُه المستهجَن حريته" مضيفاً أن وصول بلفور "سيزيد من تمسك الفلسطينيين ببلدهم."