تحل اليوم الذكرى الثامنة والتسعين لميلاد الروائى والكاتب الراحل فتحى غانم، الذى أبدع بكتابة روايات عدة احتلت مكانة كبرى ولفتت الأنظار إليه كما تحول بعض منها إلى أعمال درامية ومنها روايته الأشهر الجبل.
الرواية تجسد الحالة الإجتماعية للبيئة العمرانية، فهي تتحدث عن التأثير الذي يمكن أن تحدثه القرارات العمرانية على المجتمع، وتؤكد أن بناء مساكن جديدة للناس لا يعني أبداً أننا سنحقق لهم السعادة.
أحداث هذه الرواية تدور حول مقاومة شرسة من قبل سكان الجبل للنزول وسكن القرية النموذجية، بالنسبة لهم، المساكن الجديدة ستقطع "رزقهم" وستزيد من صعوبات حياتهم.
ويعتقد البعض أن الكاتب الراحل يشير فيها للمشروع القرنة الجديدة فى الأقصر وهو المشروع الذى تولى بناؤه المعمارى الراحل حسن فتحى، دون تأكيد أو نفى من الروائى نفسه عن تلك المزاعم، فالكاتب إبراهيم العريس قال فى مقال له نشر فى جريدة "الحياة اللبنانية"، "عند نهاية العشرية الأولى من القرن الحادى والعشرين، كان فى إمكان اليونسكو أن تصدر بكل فخر وثيقة بالغة الأهمية والتفصيل، تتحدث فيها عن تمكنها من أن تدخل فى مرحلة تنفيذ واحد من مشاريعها الجديدة الأكثر طموحاً، مشروع تجديد وصيانة ذلك الصرح العمرانى الذى أقامه شيخ المعماريين العرب حسن فتحى، مشتغلاً عليه مع فريق عمل متكامل بين عامى 1946 و1952، وأسفر يومها عن اكتمال مشروع قرية القرنة النموذجية التى أقامت عالم العمران ولم تقعده فى أوروبا، وإن كان صداها المصرى قد ظل هزيلاً بل حتى وجد من يقلل من شأنها "على سبيل المثل، وفى شكل رمزى رواية «الجبل» لفتحى غانم التى تحولت إلى فيلم".
أما الكاتبة نجوى العشرى فقالت فى مقال صحفى نشر فى جريدة الأهرام، عن حسن فتحى ومع أن أفكاره وأعماله لاقت استحسانا وتقديرا عالميا فإنها لم تلق القدر نفسه من الاهتمام داخل مصر، بل إن كاتبا كبيرا وأديبا عظيما هو فتحى غانم وصف فى روايته (الجبل) حسن فتحى بأنه مهندس مستغرب ومستشرق أراد أن يملى على أهل القرنة نمط حياة لا يريدونه بل إنه انتقد على لسان إحدى شخصيات الرواية استخدام القبة فى العمارة المنزلية، فهى تساوى فى نظره وفى نظر كل المصريين العاديين العمارة الجنازية، فهذا المهندس -يقصد حسن فتحى- الذى جاء من القاهرة لم يستطع أن يفهم عقلية مستخدمى تلك البيوت.
والرواية وإن كانت تعرض بحيادية وصدقٍ شديدين موقف أهل الجبل، وتبدو فى النهاية وكأنها تدين ذلك الموقف الرافض للتمدن والحضارة، إلا أنها من جهة أخرى تعكس سيطرة ذلك "الوهم" الكبير على أهل الجبل الذين ينتظرون حلمًا بالغنى والثراء السريع يأتيهم من بين الجبال و"الآثار" فيما تضيع أعمارهم وأعمار أبنائهم بين صخور هذا الجبل! فى الوقت نفسه تنطوى "المدينة" على العديد من المخاطر و"انقطاع الأرزاق" بالنسبة لهم.