أحيانا يفضل الكاتب أو الفنان الوحدة غير أنه سرعان ما يحتاج لأحد جواره فى فترات الشيخوخة والألم وفى بعض الحالات يكون تفضيل الكاتب للوحدة قادما من أعماقه كما فى حالة الكاتب الكبير مجيد طوبيا الذى فجعه الموت والفراق فحرمه من الأم فاختار أن يبقى بلا زوجة طيلة حياته على الرغم من كونه حقق إنجازات كبرى فى مجال الكتابة والسينما.
وتعد "أبناء الصمت" من الروايات الشهيرة للأديب مجيد طوبيا، والتي تحولت لفيلم درامي من قصته وحواره، إنتاج عام 1974 بالإضافة إلى راوية تغريبة بنى حتحوت التى انضمت إلى قائمة الروايات العربية وفقا لتصنيف اتحاد الكتاب العرب لكن كيف كان يكتب فى ظل الوحدة والألم؟ لقد كان يترك بعضا مما يأكل أو يشرب ليكون دليلا على المستقبل، وعلى تلك الحرب التى لا يعرفها سواه وإن حكى عنها قليلا لأصدقائه، أو لترك ذكرى إن لم تكن هناك ذكرى أخرى منه، كان يترك بعضا منه، ليبارز الوحدة، والألم والزمن.
وقد كان بعض المقربين منه يستغربون من إصراره على مجابهة الوحدة بهذه الطريقة بدلا من الزواج، ومنهم الكاتب فتحي سليمان، فكانوا يقولون له إنه كان يجدر به الزواج من حبيبته الإيطالية غير أنه لم يكن مقبلا على الفكرة لخوفه من فكرة الفقدان التى رآها فى عدد من أفراد عائلته وعلى رأسهم أمه بالطبع وأحس كم إنها نافذة ومهلكة.
ويظل فى النهاية الكاتب الكبير مجيد طوبيا يقاتل فى معركته بشجاعة ضد المرض والشيخوخة مستعينا بالكتابة والكتب وبتاريخ تركه من الروايات والقصص القصيرة بدأت منذ عام 1961 بمجموعته الأولى فوستوك يصل إلى القمر.