فى الرواية الشعبية تم تحديد مستقبل الإمبراطورية الرومانية فى يوم واحد وهو 2 سبتمبر من عام 31 قبل الميلاد، وهو تاريخ معركة أكتيوم البحرية الشهيرة، لكن القصة الحقيقية أكثر تعقيدًا وأكثر تشويقًا وفقًا للمؤرخ باري شتراوس، أستاذ الدراسات الإنسانية فى كلية الآداب والعلوم بجامعة كورنيل الأمريكية.
وفى كتابه "الحرب التى صنعت الإمبراطورية الرومانية"، يؤكد شتراوس أن أكتيوم لم تكن مجرد معركة ليوم واحد بل كانت تتويجًا لحملة شهدت قتالًا نشطًا لمدة ستة أشهر واستعدادات عسكرية وسياسية تمتد إلى سنوات ماضية.
في كتابه الجديد الذى صدر حديثا عن دار سايمون آند شوستر يزيل شتراوس آثار الميثولوجيا التي أحاطت بهذه اللحظة الحاسمة في تاريخ العصور القديمة روما ، ويقدم مكانها سردًا أكثر دقة ودقة عن الصراع والشخصيات التاريخية.
يؤكد شتراوس في كتابه أن أنطونيو وكليوباترا كانا عاشقين ، لكن كليوباترا كانت أشبه بغريمها أوكتافيان فقد كانت هي وأوكتافيان استراتيجيين مندفعين ومستعدين لفعل أي شيء تقريبًا لتحقيق أهدافهما الأساسية: في حالة كليوباترا الحفاظ على استقلال مملكتها مع توسيع قوتها؛ وفي حالة أوكتافيان ، الفوز بالسيطرة على الإمبراطورية الرومانية بأكملها كما فعل عمه الأكبر والأب بالتبني يوليوس قيصر بينما كان أنطونيو دبلوماسيًا موهوبًا وجنرالًا عظيما لكن أوكتافيان تفوق عليه.
ويضيف عبر كتابه أن فكرة التوازن تجعل من تلك المعركة حدثا عالميا مهما حيث يقول :"كانت الإمبراطورية تمثل دائمًا توازنًا بين الغرب الناطق باللاتينية والشرق الناطق باليونانية، لو انتصر أنطونيو وكليوباترا ، لكان البندول ليتأرجح شرقا، وكانت الإسكندرية ستصبح عاصمة ثانية تنافس روما ، تمامًا كما فعلت القسطنطينية في النهاية بعد قرون، وبالتالى كانت أوروبا ستصبح أقل لاتينية وأكثر يونانية، وربما كانت أوروبا لتتحدث اللغة يونانية وليست اللاتينية".
ويستكمل: كان هناك ثلاثة اشخاص على وجه الخصوص مؤثرين تأثيرا بالغا في مسار الصراع فقد كان لأوكتافيا مكانة لا تحسد عليها لكونها أخت أوكتافيان وزوجة مارك أنطونيو، وعادة ما يتم تصويرها على أنها شخص محاصر بين المودة لأخيها والولاء لزوجها وأنها المطيعة التي طالت معاناتها وفي النهاية هجرها زوجها أنطونيو بينما كانت في الواقع لاعباً سياسياً نشطاً وكانت تحمي مصالح أخيها أكثر من مصالح زوجها.
هناك أيضا أجريبا الذى كان القائد الذي لا غنى عنه لأوكتافيان والذي لم ينتصر فقط في معركة أكتيوم ولكن في الحملة البحرية التي استمرت ستة أشهر والتي سبقتها.
وقد نفذ أجريبا عملية الاستيلاء الجريء على قاعدة الإمداد الرئيسية للعدو في ميثون في جنوب غرب اليونان ، مما أدى إلى قطع إمدادات أنطونيو وكليوباترا من الشرق.
الشخص الثالث هو بوكود الذى كان الملك المنفي لما يعرف الآن بالمغرب (موريتانيا) وقد كان هذا العاهل الأفريقي المخلوع مسؤولاً عن الدفاع عن ميثون كما كان جنديًا متمرسًا وساعد يوليوس قيصر في الفوز بمعركة حاسمة في إسبانيا عام 45 قبل الميلاد، ولكن ربما لأنه ترك أجريبا يفاجئه فشل في إنقاذ ميثون وقُتل في النهاية.