انطلاقاً من دور الجهاز القومى للتنسيق الحضارى فى العمل على إحياء الذاكرة القومية والتاريخية للمجتمع المصري، انطلقت فكرة مشروع "حكاية شارع"، الذى يهدف إلى التعريف بالشخصيات الهامة التى أطلقت أسماؤها على بعض الشوارع، وذلك من خلال وضع لافتات باسم وتاريخ الأعلام الذين أطلقت أسمائهم على الشوارع، والذين يشكلون قيمة تاريخية وقومية ومجتمعية لمختلف فئات الشعب المصري، ولهذا نستعرض يوميًا شخصية من الشخصيات التى لهم شوارع تحمل أسمائهم، حسب ما جاء فى حكاية شارع للتنسيق الحضارى، واليوم نستعرض شخصية "الشيخ محمد متولى الشعراوى" والذى له شارع يحمل اسم الشيخ الجليل فى القاهرة.
الإمام محمد متولى الشعراوى يعد من أبرز الشخصيات المعاصرة فى الدعوة الإسلامية، كما يعد من أشهر مفسرى معانى القرآن الكريم فى العصر الحديث، والتى أطلق هو عليها "خواطرى حول القرآن الكريم".
مولده ونشأته
ولد محمد متولى الشعراوي، الذى اشتهر باسم متولى الشعراوي، فى 5 أبريل 1911، بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية.
التحق بكتاب القرية، وحفظ القرآن الكريم وهو فى الحادية عشرة من عمره. وفى عام 1926 التحق بمعهد الزقازيق الابتدائى الأزهري، وحصل على الشهادة الابتدائية فى 1923، فالتحق بالمعهد الثانوي، فحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق.
التحق الشعراوى بكلية اللغة العربية سنة 1937، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فكان يذهب هو وزملائه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقى بالخطب الرنانة المعادية للاحتلال البريطاني، مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة.
تخرج الشعراوى عام 1940، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943. وقد عين عقب تخرجه فى المعهد الدينى بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الدينى بالزقازيق، ثم المعهد الدينى بالإسكندرية، وبعد فترة أعير للعمل بالسعودية عام 1950، حيث عمل مدرسًا للشريعة بجامعة أم القرى.
كما عين مديراً لمكتب الأمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون 1964، وعين رئيساً لبعثة الأزهر فى الجزائر 1966، عمل أستاذاً زائراً بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة بمكة المكرمة 1970، وفى نوفمبر 1976 أسند إليه وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر، فظل فى الوزارة حتى أكتوبر 1978، واختير عضواً بمجلس الشورى عام 1980، واختير عضوًا بمجمع اللغة العربية فى عام 1987.
يعد الشيخ الشعراوى أول من أصدر قرارًا وزاريًا بإنشاء بنك إسلامى فى مصر، وهو "بنك فيصل الإسلامي"، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.
جوانب من شخصيته
فيما بين كل معاصريه تمتع الشيخ الشعراوى بقدرة فائقة على اجتذاب أكبر عدد من مختلف الطوائف إلى محيطه الهادى والهاديء، وكان يزداد أتباعًا مع الأيام لأنه لم يكن يهدف بدعوته أو حركته إلى هدف يستعمل هؤلاء فى الوصول إليه على أعناقهم ولا على أكتافهم، وإنما كان يهدف فى بساطة شديدة إلى أن يرتقى بهؤلاء جميعًا فى مدراج الإيمان بالله والهداية إلى طريقه، والسلوك المستقيم، والنفس المطمئنة، والشخصية الآمنة.
ويكاد يكون هناك إجماع على أن هذا الرجل استطاع أن يحقق ما لم يحققه غيره فى بعث الطمأنينة فى نفوس الذين يبحثون عن الإيمان والصواب والحق، حيث يرى البعض أنه خاض على المستوى الشخصى معارك كثيرة فى سبيل الحصول لنفسه على الاتزان النفسى والتوازن الداخلي، ولهذا فإنه كان فى كل أحاديثه قادرًا على الوصول إلى المناطق الرمادية فى الفكر الإنسانى وفى الصراع النفسى ولعل هذا كان بمثابة أحد العوامل البارزة فى نجاحه فى تحقيق ما لم يحققه غيره.
الجوائز والتكريم
منح الإمام الشعراوى وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سن التقاعد فى 15 أبريل 1976، قبل تعيينه وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر.
ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983، وجائزة الدولة التقديرية عام 1988. حصل الدكتوراه الفخرية فى الآداب من جامعتى المنصورة والمنوفية.
تم تكريمه فى العديد من دول العالم الإسلامي، كان آخرها جائزة دبى الدولية لخدمة القرآن الكريم عام 1997.
وفاته
توفى الإمام محمد متولى الشعراوى فى 16 يونية 1998، وقد لقب بـ "إمام الدعاة".
مؤلفاته
للشيخ الشعراوى عدد من المؤلفات، قام عدد من محبيه بجمعها وإعدادها للنشر، وأشهر هذه المؤلفات وأعظمها تفسير الشعراوى للقرآن الكريم، ومن هذه المؤلفات: "الإسراء والمعراج، أسرار بسم الله الرحمن الرحيم، الإسلام والفكر المعاصر، الإسلام والمرأة عقيدة ومنهج، معجزة القرآن، من فيض القرآن، المنتخب فى تفسير القرآن الكريم".