ترتبط المقاهى لدى المصريين بالعديد من الذكريات، المقاهى فى قلب المحروسة لها روحها وطابعها الخاص لدى أهلها، يتنوع مرتاديها وهى شاهدة على أحداث سياسية وثقافية واجتماعية هامة فى تاريخ البلاد، بخاصة فى التاريخ الحديث، ومنذ انتشارها خلال القرن الثامن عشر، حتى توسعت فى عهد الأسرة العلوية، وأصبحت جزءًا ومكانًا شبه مألوف لدى المصريون وكأنها بيتهم الثانى.
وللمقاهي عالم كبير وواسع فتتعدد أنواعها فكانت ما بين مقاهي "بلدي، أفرنجي، حرفي" كما توجد المقاهي النوبية وهي تمثل وكالات أنباء للنوبيين في القاهرة يتداولون فيها أخبارهم وأخبار عائلاتهم ولم يكن مباحًا في الماضي جلوس النساء في القهاوي حتى بعد ظهور الحركة النسائية في مصر.
وكان هناك أيضًا مقاهي خاصه لرواد الفكر والابداع ومنها مقهى "البوستة" التي كان يرتادها جمال الدين الأفغاني ومقهى "اللواء" المكان المفضل لشاعر النيل حافظ إبراهيم "ومتاتيا" قبلة الفن المصري وفي مقدمتهم نجيب الريحاني والأديب العالمي نجيب محفوظ وقهوة "الفيشاوي" التي يرتادها بعض السياح.
وفي النهاية وأيًا كان الرأي تظل المقاهي بمثابة مسرح مفتوح يعكس الكثير من معالم الحياة اليومية المصرية التي تعلو فيه الأصوات متداخلة مع حركة الباعة المتجولين الذين يعرضون مختلف البضائع الخفيفة كالسبح ومراوح اليد بل وحتى بضائع ثقيلة منها سجاجيد ومرايا وكتب.
كانت للمشايخ وطلبة الأزهر مقاهيهم في حي الحسين وأشهرها "قهوة شعبان" وكان من زبائنها المطرب "محمد الكحلاوي" بينما كان للمجاذيب والصعاليك وأرباب الطرق الصوفية مقهاهم الخاص وكان من أشهرهم "على نيابة" الذي تقمصته شخصية ضابط في جيش "محمد على باش" فكان يرتدى الملابس العسكرية ويضع فوق رأسه طربوشا له زر طويل ويزين صدره بأنواع شتى من النياشين الفالصو وسدادات زجاجات المرطبات، وكان يكحل عينيه ويمسك سيفا من الصفيح وهو يقدم عروضه العسكرية ونداءاته الحماسية المبهمة.