يعتبر كتاب الشعر والشعراء من أقدم الكتب في تراجم الشعراء لمؤلفه أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة أحد أئمة القرن الثالث الهجري، ويعد مؤلفا في المختارات الشعرية وكتابا في النقد بالإضافة إلى كونه في تراجم الشعراء، وقد أورد ابن قتيبة فيه أخبار الشعراء من امرئ القيس إلى شعراء العصر العصر العباسى، كما أورد فيه أشهر شعرهم وقد جاء فيه أشعار وأخبار وطرائف ومواقف للشعراء وقعت في شهر رمضان.
ومن أخبار ابن قتيبة أن النجاشي الحارثي (واسمه قيس بن عمرو بن مالك، من بني الحرث بن كعب) كان فاسقًا رقيق الإسلام، خرج في شهر رمضان على فرس له بالكوفة يريد الكناسة، فمر بأبي سمال الأسدي، فوقف عليه، فقال، هل لك في رؤوس حملان، في كرش في تنور، من أول الليل إلى آخره، قد أينعت وتهرأت؟ فقال: له ويحك! أفي شهر رمضان تقول هذا؟ قال: ما شهر رمضان وشوال إلا واحدًا. قال: (فما تسقيني عليها؟ قال: شرابًا كالورس، يطيب النفس، ويجري في العرق، ويكثر الطرق، ويشد العظام، ويسهل للفدم الكلام)، فثنى رجله فنزل، فأكلا وشربا، فلما أخذ فيهما الشراب تفاخرا، فعلت أصواتهما، فسمع ذلك جار لهما، فأما أبو سمال، فشق الخص ونفذ إلى جيرانه فهرب، فأخذ النجاشي فأتى به علي بن أبي طالب، فقال له: ويحك، ولداننا صيام، وأنت مفطر؟ فضربه ثمانين سوطًا، وزاده عشرين سوطًا، فقال له: ما هذه العلاوة يا أبا الحسن؟ فقال: هذه لجرأتك على الله في شهر رمضان، ثم وقفه للناس ليروه في تبان.
ومنهم شبيل بن ورقاء من زيد بن كليب بن يربوع، وكان شاعرًا مذكورًا جاهليًا، فأدرك الإسلام، وأسلم إسلام سوء، وكان لا يصوم شهر رمضان، فقالت له بنته، ألا تصوم؟ فقال:
تأمرني بالصوم لا در درها
وفي القبر صوم لا أباك طويل