منازل السائرين كتاب للإمام أبو إسماعيل الهروى فى التصوف، يتوجه من خلاله إلى جماعة الراغبين فى الوقوف على منازل السائرين إلى الحق جل جلاله، مذكرا بما شرحه أبو بكر الكتانى فى أن بين العبد وربه ألف مقام من نور وظلمة وأن جميع هذه المقامات المائة قسمها فى كتابه على عشرة أقسام وهى: "قسم البدايات، قسم الأخلاق، قسم الأحوال، قسم الأبواب، قسم الأصول، قسم الولايات، قسم النهايات، قسم المعاملات، قسم الأودية، ثم قسم الحقائق".
قسم البدايات باب التفكر
قال الله تعالى «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ». اعلم أن التفكر تلمس البصيرة لاستدراك البغية، وهو ثلاثة أنواع:
فكرة فى عين التوحيد، وفكرة فى لطائف الصنع، وفكرة فى معاني الأعمال والأحوال.
فأما الفكرة فى عين التوحيد، فهى اقتحام بحر الجحود، ولا ينجى منه إلا الاعتصام بضياء الكشف، والتمسك بالعلم الظاهر.
وأما التفكر فى لطائف الصنع، فهو ماء يسقى زرع الحكمة.
وأما الفكرة فى معانى الأعمال والأحوال، فهى تسهل سلوك طريق الحقيقة.
وإنما يتخلص من الفكرة في عين التوحيد، بثلاثة أشياء:
بمعرفة عجز العقل، وبالإياس عن الوقوف على الغاية، وبالاعتصام بحبل التعظيم.
وإنما تدرك لطائف الصنع بثلاثة أشياء:
بحسن النظر فى مبادئ المنن، وبالإجابة لدواعي الإشارات، وبالإخلاص من ورق إتيان الشهوات.
وإنما يوقف بالفكرة على مراتب الأعمال والأحوال، بثلاثة أشياء:
باستصحاب العلم، واتهام المرسومات، وبمعرفة مواقع الغير.