نرشح لك فى شهر رمضان كتاب الكامل للمبرد وهو أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الملقب بالمبرِّد، ولد بالبصرة سنة 210 هـ، وهو إمام فى النحو واللغة.
ويعد كتاب الكامل واحدا من أصول علم الأدب وركنًا من أركانه، وقد أقبل العلماء وطلاب الأدب على قراءته وإقرائه، ومنهم من شرحه ومنهم من علق عليه ونبه على أغلاطه .
ويعد الكتاب من أواخر ما كتب المبرد، ومن أهم كتبه عامة لأنه حوى طائفة كبيرة من مختار الشعر والنثر والأخبار، وفيه الكثير من التفسيرات اللغوية، والآراء النحوية.
ويعد كتاب الكامل مصدراً مهمًّا لدراسة أخبار الخوارج إذ أورد عددًا كبيرًا من أخبارهم واستطرد فى إيراد أشعارهم وخطبهم وذكر فرقهم وحروبهم وقوادهم فى باب مستقلٍّ .
وفى الكتاب إشارات بلاغية مهمة فهو يتحدث عن الكناية وأقسامها، والمجاز وأنواعه، والاستعارة وألوانها، والالتفات والتجريد، وأطنب القول فى التشبيه، وعقد له باب خاصاً، وبين أن (العرب تشبه على أربعة أضرب، فتشبيه مفرط، وتشبيه مصيب، وتشبيه مقارب، وتشبيه بعيد يحتاج إلى التفسير ولا يقوم بنفسه، وهو أخشن الكلام) وخص الإيجاز، ويسميه الاختصار، ويقيده بالمفهم، والإطناب ويصفه بالمفخم، بباب آخر أورد فيه ألواناً (من ألفاظ العرب البينة، القريبة، المفهمة، الحسنة الوصف، الجميلة الرصف).
ويتميز الكتاب أيضًا بكثرة القضايا اللغوية درسًا وتناولاً واستشهادًا فى مختلف صفحات الكتاب، فهو يشرح كل نص شرحًا يتحرى الدقة والعمق والتفريع.
ويحتوى على عدد كبير من الأمثال العربية وشرحها بلغت خمسة وسبعين مثلاً، مع ذكر أصلها والمناسبة التى تقال فيها.
كما عمد المبرد إلى إيراد كثير من أقوال الحكماء وأخبارهم، حتى إنه جعل فصلاً فى ذلك عنوانه: نبذ من أخبار الحكماء.
وأبان المبرد عن موضوع كتابه ومنهجه فى أول الكتاب بقوله: (هذا كتاب ألفناه يجمع ضروباً من الآداب، ما بين كلام منثور، وشعر مرصوف، ومثل سائر، وموعظة بالغة، واختيار من خطبة شريفة، ورسالة بليغة. والنية فيه أن نفسر كل ما وقع فى هذا الكتاب من كلام غريب، أو معنى مستغلق، وأن نشرح ما يعرض فيه من الإعراب شرحاً شافيًا، حتى يكون هذا الكتاب بنفسه مكتفيًا، وعن أن يرجع إلى أحد فى تفسيره مستغنياً).
وقد رتب المبرد كتابه على أبواب مختلفة ومتفرقة، بلغت تسعة وخمسين بابا؛ صدره بباب فى الكلام عن قوله – صلى الله عليه وسلم – للأنصار:"إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع"، وختمه بباب عنوانه: من متنخل طريف الشعر وذكر آيات من القرآن ربما غلط فى مجازها النحويون.