يرتبط المصريين بذكريات كثيرة مع المقاهي المنتشرة فى شوارع وميادين المحروسة، يستلهمون حكاويهم من جلساتها المتعددة، وتتنوع ثقافتهم باختلاف مرتاديها، لها طابعها المختلف وتاريخها الخاص، فهى شاهدة على أحداث سياسية وثقافية واجتماعية هامة فى تاريخ البلد، بخاصة في التاريخ الحديث، ومنذ انتشارها خلال القرن الثامن عشر، وأصبحت جزءًا ومكانًا شبه مألوف لدى المصريون وكأنها بيتهم الثاني.
واحدة من اهم العادات الاجتماعية التي امتازت بها مصر منذ قرون هي «المقاهي» مع اختلاف أشكالها، فكانت حاضنة للثقافة الشعبية إلى يومنًا هذا، وتحظى طوال أيام السنة بحضور ويتزايد مع شهر رمضان.
كانت للمقاهي عالم كبير وواسع؛ فتتعدد أنواعها ما بين مقاهي بلدية وأخرى أفرنجية وهي التي أنشئت على نظام المقاهي الأوروبية، كما توجد المقاهي النوبية، وتمثل وكالات أنباء للنوبيين في القاهرة ...يتداولون فيها أخبارهم وأخبار عائلاتهم، ولم يكن مباحاً في الماضي جلوس النساء في القهاوي، حتى بعد ظهور الحركة النسائية في مصر.
اعتبرت المقاهي خلال سنوات مآوي الكثيرين ومصدر الترفيه في حياتهم، ولأهميتها أخذت أعدادها تتزايد إلى أن اكتظت بها شوارع مصر، ووصلت أعدادها إلى ما يقرب من الألف مقهى، تزدحم بالسكان في أوقات الظهيرة والمساء، أما زبائنها الدائمين فهم البسطاء والتجار، ويلازمون المصطبة الخارجية للقهوة.
ومن أشهر مقاهى القاهرة قديما، مقهى الكتبخانة، من رواد المقهى حافظ إبراهيم والشاعر عبد المطلب والشيخ عبد العزيز البشري، وكان المقهى قديمًا في نهاية شارع محمد علي، أمام دار الكتب. وفي المِنطقة ذاتها خلف دار الكتب، وكان هناك أيضًا مقهى بلدي يعشق صاحبة مصارعة الديوك، لذا كان يأتي إلى المقهى الأثرياء لمشاهدة العروض التي يقدمها.