علم الرجال .. "أحمد بن حنبل" إمام أهل السنة وضحية فتنة المأمون

يعد الإمام أحمد بن حنبل، رابع الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنبلي في الفقه الإسلامي، اشتُهر بعلمه الغزير وحفظه القوي، وكان معروفاً بالأخلاق الحسنة كالصبر والتواضع والتسامح، وقد أثنى عليه كثير من العلماء منهم الإمام الشافعي. ولد أحمد بن حنبل سنة 164هـ في بغداد ونشأ فيها يتيماً، وقد كانت بغداد في ذلك العصر حاضرة العالم الإسلامي، تزخر بأنواع المعارف والفنون المختلفة، وكانت أسرة أحمد بن حنبل توجهه إلى طلب العلم، وفي سنة 179هـ بدأ ابن حنبل يتَّجه إلى الحديث النبوي، فبدأ يطلبه في بغداد عند شيخه هُشَيم بن بشير الواسطي حتى توفي سنة 183هـ، فظل في بغداد يطلب الحديث حتى سنة 186هـ، ثم بدأ برحلاته في طلب الحديث، فرحل إلى العراق والحجاز وتهامة واليمن، وأخذ عن كثير من العلماء والمحدثين، وعندما بلغ أربعين عاماً في سنة 204هـ جلس للتحديث والإفتاء في بغداد، وكان الناس يجتمعون على درسه حتى يبلغ عددهم قرابة خمسة آلاف. لم يدون الإمام أحمد مذهبه الفقهي، ولم يصنف كتابًا في الفقه، أو أملاه على أحد من تلاميذه، بل كان يكره أن يُكتب شيء من آرائه وفتاواه، حتى جاء أبو بكر الخلال المتوفى سنة (311هـ = 923) فقام بمهمة جمع الفقه الحنبلي، وكان تلميذًا لأبي بكر المروزي، وجاب الآفاق يجمع مسائل الإمام أحمد الفقهية وما أفتى به، فتيسرت له منها مجموعة كبيرة لم تتهيأ لغيره، وقام بتصنيفها في كتابه: "الجامع الكبير" في نحو عشرين مجلدًا، وجلس في جامع المهدي، ببغداد يدرّسها تلاميذه، ومن هذه الحلقة المباركة انتشر المذهب الحنبلي، وتناقله الناس مدونًا بعد أن كان روايات مبعثرة. ثم جاء الإمام ابن تيمية الجد "عبد السلام بن عبد الله" المتوفى سنة (652هـ = 1254م)، فحرر مسائل المذهب، وألّف كتابه "المحرر" في الفقه، ثم تعددت بعد ذلك كتب المذهب وانتشرت بين الناس. ويجدر بالذكر أن المذهب الحنبلي هو أوسع المذاهب الإسلامية في إطلاق حرية التعاقد، وفي الشروط التي يلتزم بها الطرفان؛ لأن الأصل عند الإمام أحمد هو جعل معاملات الناس على أصل الإباحة حتى يقوم دليل شرعي على التحريم؛ ومن ثمّ كان في الفقه الحنبلي متسع لنظام المعاملات، يمتاز بالسهولة واليسر وتحقيق المصلحة للناس. اشتُهر ابن حنبل بصبره على المحنة التي وقعت به والتي عُرفت باسم "فتنة خلق القرآن"، وهي فتنة وقعت في العصر العباسي في عهد الخليفة المأمون، ثم المعتصم والواثق من بعده، إذ اعتقد هؤلاء الخلفاء أن القرآن مخلوق محدَث، وهو رأي المعتزلة، ولكن ابن حنبل وغيره من العلماء خالفوا ذلك، فحُبس ابن حنبل وعُذب، ثم أُخرج من السجن وعاد إلى التحديث والتدريس، وفي عهد الواثق مُنع من الاجتماع بالناس، فلما تولى المتوكل الحكمَ أنهى تلك الفتنة إنهاءً كاملاً. وفي شهر ربيع الأول سنة 241هـ، مرض أحمد بن حنبل ثم مات، وكان عمره سبعاً وسبعين سنة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;