حكاية شارع.. "أبو الفداء" واحد من أعظم رجال التاريخ والجغرافيا فى التاريخ العربى

انطلاقًا من دور الجهاز القومى للتنسيق الحضارى فى العمل على إحياء الذاكرة القومية والتاريخية للمجتمع المصرى، انطلقت فكرة مشروع "حكاية شارع"، الذى يهدف إلى التعريف بالشخصيات الهامة التى أطلقت أسماؤها على بعض الشوارع، وذلك من خلال وضع لافتات باسم وتاريخ الأعلام الذين أطلقت أسماؤهم على الشوارع، والذين يشكلون قيمة تاريخية وقومية ومجتمعية لمختلف فئات الشعب المصرى، ولهذا نستعرض يوميًا شخصية من الشخصيات التى لهم شوارع تحمل أسماءهم، حسب ما جاء فى حكاية شارع للتنسيق الحضارى، واليوم نستعرض شخصية " إسماعيل بن على بن محمود بن محمد بن أيوب" والذى لها شارع يحمل اسم شهرته وهو "أبو الفداء" بالقاهرة. أبو الفداء هو إسماعيل بن على بن محمود بن محمد بن أيوب، من سلالة الأيوبيين، كنى منذ صغره بأبى الفداء ولقب بعماد الدين، ويطلق عليه ملك أو صاحب حماة فى سوريا، والملك المؤيد. ولد أبو الفداء فى دمشق عام 672هـ/1274م، حينما فرت عائلته من حماة إثر إحاطة المغول بها، وقد بدأ حياته فى حماة بعد عودة أمه، وهو فى شهوره الأولى، ثم انطلق إلى الدراسة والثقافة والإطلاع والممارسة والتدريب على فنون القتال والقنص والفروسية، فحفظ القرآن الكريم مبكرًا مع عدد من كتب التراث، وأصبح منذ صغره مولعًا بالعلوم والآداب، ودرس الفقه والتفسير والنحو والمنطق والطب والتاريخ والعروض، وقد أكسبه ذلك العقل الراجح والحكمة، والخلق الرفيع، والشجاعة والكرم. أبو الفداء ملكا على حماة رحل أبو الفداء إلى مصر فاتصل بالسلطان المملوكى الناصر، فأحبه الناصر وأقامه ملكًا مستقلاً فى حماة ليس لأحد أن ينازعه السلطة، وأركبه بشعار الملك، فانصرف إلى حماة، فقرب العلماء ورتب لبعضهم المرتبات، وحسنت سيرته. استطاع بحنكته وصبره ودرايته وشجاعته استعادة ملك حماة، وأن يعيد الدولة الأيوبية فيها بعد أن أُبعدت عنها اثنتى عشرة سنة، وأن يخرج منها عاملها مرغمًا، فكانت له اليد الطولى فى مد عمـرها فيها إلى سنة 742هـ، أى إلى بعد نحو قرنٍ من الزمان من سقوط الدولة الأيوبية فى مصر، فقد قضى المماليك على الدولة الأيوبية فى مصر فى سنة 648هـ، وقضوا عليها فى الشام فى سنة 658هـ، وأصبح سلطان مصر والشام من المماليك، وكان يرسل من حوله، من أمراء المماليك نوابًا عنه إلى مدن الشام كدمشق وحماة وحمص وحلب والساحل. وكانت حماة مطمح أنظار هؤلاء الأمراء نظرًا لتوسطها بين بلاد الشام ولتقدمها العمرانى والعلمى والاقتصادي، بفضل الملوك الذين تعاقبوا عليها من الأيوبيين. وكان السلطان الناصر يطلبه إليه، بعد أن أصبح ملكا لحماة، ليكون سميرًا له فى مجلسه، ورفيقاً له فى صيده، وعندما ذهب إلى الحج اصطحبه معه، ومن شدة إعجابـه بـه، بعد أن ولاّه نائبًا له فى حمـاة فى سـنة 710هـ، جعله ملكا عليها فى سنة 712هـ، ثم سلطان حماة فى سنة 720هـ، كل ذلك يدل على مدى ما كان يتحلى به أبو الفداء من الآداب والعلوم والأخلاق، حتى إنه لشدة كرمه وعزته بنفسه كان يقبل هدايا السلطان وصدقاته، ولكنه كان سرعان ما يرسل إليه مقابلها بالهدايا والتقدمات. أعماله فى حماة اعتنى أبو الفداء بمدينة حماة، وبنى وحسن العديد من مبانيها، ولعل من أبرز المنشآت التى خلفها أبى الفداء فى عاصمة ملكه حماة "جامع الدهشة" وهو جامع أبى الفداء نفسه، وقام أبى الفداء بتشييد ضريح له فى شمالى جامعه وشيد فوقه قبة وبجانبها مئذنة مثمنة. ثم قام بعد ذلك ببناء المربع والقبة والحمام والناعورة غربى الجامع على ساقية نحيلة، وجاء هذا كله من أنزه الأماكن وأسماها، وأطلق عليها جميعًا اسم الدهيشة، وذلك لأن الناظر أو الداخل إليها تأخذه الدهشة والحيرة والذهول لما يشاهد من جمال الموقع وإحكام البناء وحسن الهندسة وبديع الزخرفة . وقد تعاقبت الدهور والأعوام على المربع والقبة والحمام فاندثرت، ولم يبق من الدهيشة إلا جامعها وناعورتها، وهما كافيان وافيان لإعطاء صورة الأمس الرائع. لم يقف عمران أبى الفداء عند الدهيشة بل امتد إلى الجامع النورى وأضاف إليه كتلة بناء فى شرقه وجعله مدرسة لتدريس الفقه الشافعي، وسمى هذا الملحق بالـروشن بعد أن أبقى تحته قبوًا لمسير الناس وجلله ببناء رائع يشرف على أجمل مناظر العاصى والنواعير. علمه وكتبه لقد كان أبى الفداء رجلاً جامعًا لأشتات العلوم، وقد صنف فى كل علم تصنيفًا أو تصانيف، وترك للمكتبة العربية بخاصة والإنسانية بعامة 12 كتاب طبع منها ثلاثة كتب نالت شهرة عالمية كبيرة وهي: المختصر فى أخبار البشر، فى التاريخ، والمعروف بكتاب (تاريخ أبى الفداء)، تقويم البلدان، فى الجغرافيا، طبع عدة طبعات فى أوروبا وسمى (جغرافيا أبى الفداء)، ومن خلال هذين الكتابين غدا أبى الفداء واحدًا من أعظم رجال التاريخ والجغرافيا فى تاريخنا العربى والتاريخ الإنساني، فظهرت عشرات الدراسات والأبحاث الأكاديمية فى روسيا وفرنسا وإنجلترا وبلجيكا وإيطاليا وغيرها عن أبى الفداء وأبحاثه فى الجغرافيا والتاريخ والفلك. والكناش، وهو لفظ سريانى الأصل معناه المجموعة أو التذكرة، وهو يشتمل على عدة كتب، منها كتاب فى النحو والتصريف، ويشهد هذا الكتاب لمؤلفه بالاطلاع الواسع، والعلم الغزير، والقدرة الفائقة على الجمع والتأليف، وجمع فيه أهم مسائل النحو والتصريف. وفاته حينما قام أبى الفداء بتشييد ضريحه شمالى جامعه وشيد فوقه قبة وبجانبها مأذنة مثمنة، وحين سئل عن بناء الضريح أجاب: "ما أظن أنى أستكمل من العمر 60 سنة فما فى أهلى من استكملها"، وقد صدق حدس أبى الفداء، فلم يكمل الـ60 من عمره، وفارق الحياة فى 23 محرم 732هـ، الموافق 27 أكتوبر 1331م، ودفن فى ضريحه الذى أعده لنفسه قبل موته بـ 5 أعوام.






الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;