كتب الأديب مصطفى صادق الرافعى عن شهر رمضان المبارك وفلسفة الصيام فى الجزء الثانى من كتاب وحى القلم، وهو كتاب جمع مقالاته المستوحاة من الحياة الاجتماعية المعاصرة والتاريخ الإسلامي التى نشرها في العديد من الصحف والمجلات المشهورة مطلع القرن الماضي مثل الرسالة، والمؤيد والبلاغ والمقتطف والسياسة وغيرها.
وقد وصف الشهر الفضيل بأنه "مدرسة الثلاثين يوماً" التى وضع بها الله عز وجل الإنسانية كلها في حالة نفسية واحدة، عبر نظام علمي من أقوى وأبدع الأنظمة ألا وهو الصوم :"يضع الإنسانية كلها في حالة نفسية واحدة، تتلبس بها النفس في مشارق الأرض ومغاربها".
وتابع: الحقيقة الإسلامية الكبرى التى شُرع الصيام لها هى استمرار الفكرة الإنسانية كى لا تتبدل النفس على تغير الحوادث، ومن معجزات القرآن الكريم أنه يدخر في الألفاظ المعروفة فى كل زمن حقائق غير معروفة لكل زمن فيجليها لوقتها حتى يضج الزمان العلمى فى متاهته وحيرته.
وأضاف: المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات وفطامها عن المألوفات وتعديل قوتها الشهوانية لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها.
وقال الأديب مصطفى صادق الرافعى عن فلسفة الصيام: "شهر هو أيام قلبية فى الزمن، متى أشرفت على الدنيا قال الزمن لأهله: هذه أيام من أنفسكم لا من أيامى، ومن طبيعتكم لا من طبيعتى، فيقبل العالم كله على حالة نفسية بالغة السمو، يتعهد فيها النفس برياضتها على معالى الأمور ومكارم الأخلاق، ويفهم الحياة على وجه آخر غير وجهها الكالح، ويراها كأنما أجيعت من طعامها اليومى كما جاع هو، وكأنما أفرغت من خسائسها وشهواتها كما فرغ هو، وكأنما ألزمت معانى التقوى كما ألزمها هو، وما أجمل وأبدع أن تطهر الحياة فى العالم كله، ولو يومًا وحدًا، حاملة فى يديها السبحة! فكيف بها على ذلك شهرًا من كل سنة؟".