منازل السائرين كتاب للإمام أبو إسماعيل الهروى فى التصوف، يتوجه من خلاله إلى الراغبين فى الوقوف على منازل السائرين إلى الحق جل جلاله، مذكرًا بما شرحه أبو بكر الكتانى فى أن بين العبد وربه ألف مقام من نور وظلمة وأن جميع هذه المقامات المائة قسمها فى كتابه على عشرة أقسام، وهى: قسم البدايات، قسم الأخلاق، قسم الأحوال، قسم الأبواب، قسم الأصول، قسم الولايات، قسم النهايات، قسم المعاملات، قسم الأودية، ثم قسم الحقائق.
قسم المعاملات – باب الرعاية
قال الله عز وجل: «فما رعوها حق رعايتها».
الرعاية: صون بالعناية، وهى على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: رعاية الأعمال.
الدرجة الثانية: رعاية الأحوال.
الدرجة الثالثة: رعاية الأوقات.
أما رعاية الأعمال: فتوفيرها بتحقيرها، والقيام بها من غير نظر إليها، وإجراؤها مجرى العلم لا على التزين بها.
وأما رعاية الأحوال: فهى أن يعد الاجتهاد مرآة، واليقين تشبعا، والحال دعوى.
وأما رعاية الأوقات: فأن تقف مع كل خطوة، ثم أن تعيب عن خطوة بالصفا من رسمه، ثم أن تذهب عن شهود صفوه.
باب المراقبة
قال الله تعالى: «فارتقب إنهم مرتقبون».
المراقبة: دوام ملاحظة المقصود، وهى على ثلاث درجات.
الدرجة الأولى:
مراقبة الحق فى السير له على الدوام، وبين تعظيم مذهل، ومداناة حاملة، وسرور باعث.
الدرجة الثانية:
مراقبة نظر الحق إليك برفض المعارضة، وبالإعراض عن الاعتراض، ونقض رعونة التعرض.
الدرجة الثالثة:
مراقبة الأزل بمطالعة عين السبق استقبالا لعلم التوحيد ومراقبة ظهور إشارات الأزل على أحايين الأبد ومراقبة الإخلاص من ورقة المراقبة.
باب الحرمة
قال الله تعالى: « وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ».
الحرمة: هى التحرج من المخالفات والمجاسرات، وهى على ثلاث درجات.
الدرجة الأولى:
تعظيم الأمر والنهى لا خوفا من العقوبة فيكون خصومة للنفس، ولا طلبا للمثوبة فيكون مستنزعا للآخرة، ولا مشاهدة لأحد فيكون متدينا بالمراءاة، فإن هذه الأوصاف كلها شعب من عبادة النفس.
الدرجة الثانية:
إجراء الخبر على ظاهره، وهو أن يبقى إعلام توحيد العامة الخبرية على ظاهرها، لا يحتمل البحث عنها تعشقا، ولا يتكلف لها تأويلا، ولا يتجاوز طواهرها تمثيلا، ولا يدعى عليها إدراكا أو توهما.
الدرجة الثالثة:
صيانة الانبساط أن يشوبه جراءه، وصيانة السرور أن يداخله أمن، وصيانة الشهود أن يعارضه سبب.