تمر اليوم الذكرى الـ 103 على إعلان بريطانيا رسميا عن وعد بلفور، واحد من الأحداث المؤسفة في العالم، والذى صرح به لأول مرة وزير خارجية بريطانيا الأسبق آرثر بلفور، صاحب الوعد المشؤوم، موجهة من وزير خارجية المملكة المتحدة آرثر بلفور إلى اللورد ليونيل دى روتشيلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، ليشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين، وهى الرسالة التي عرفت باسم وعد بلفور، وذلك فى 2 نوفمبر عام 1917.
وكانت بلفور إصدرته الحكومة البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى لإعلان دعم تأسيس "وطن قومى للشعب اليهودى" فى فلسطين، التى كانت منطقة عثمانية ذات أقلية يهودية (حوالي 3-5% من إجمالي السكان).
تناقض وعد بلفور بشكل مباشر مع وعود بريطانيا للعرب، فبعد وقت قصير من صدوره دخلت القوات البريطانية فلسطين واستولت على القدس في ديسمبر 1917، ثم لتكمل احتلال البلد مع حلول أكتوبر 1918.
وتم فرض حكومة عسكرية في فلسطين، الأمر الذي سمح ببدء تكريس دعائم الوطن القومي اليهودى على الأرض وفق وعد بلفور حتى قبل انتداب بريطانيا على فلسطين رسمياً: ففي يوليو 1920، أصبح صهيوني معروف هو السير هربرت صموئيل، أوّل مندوب سامٍ في فلسطين، وفي أغسطس وافقت الإدارة المدنية الجديدة على أول مرسوم هجرة يهودية، فشرعت بذلك أبواب فلسطين أمام الهجرات اللاحقة.
في هذه الأثناء، أسس مؤتمر باريس للسلام عام 1919 عصبة الأمم، وأدخل إلى القانون الدولي مفهوم "الوصاية" المعروف باسم نظام الانتداب، وتوضح المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم، أن أراضى الدول المهزومة ستخضع "لوصاية الدول المتقدمة" بالنيابة عن العصبة إلى حين تتمكن من حكم نفسها بنفسها، وعلى وجه التحديد، اعترفت المادة 22 بأن المقاطعات العربية التى كانت تابعة للسلطة العثمانية هى "دول مستقلة" خاضعة للمساعدة الإدارية لقوة منتدبة، وعلى رغم أن ميثاق عصبة الأمم نص على أنه يجب أن تكون لرغبات المجتمعات "المقام الأول فى اختيار الدولة المنتدبة"، تم منح الانتداب على فلسطين "كما شرق الأردن والعراق" إلى بريطانيا فى مؤتمر سان ريمو فى أبريل 1920.
اشتمل صك الانتداب على فلسطين، الذي وافق عليه مجلس عصبة الأمم في 24 يوليو 1922، على ديباجة و28 مادةً:
أكدت الديباجة التزام بريطانيا المشروع الصهيوني بالعبارات عينها المبيّنة في وعد بلفور، وبررت ذلك بحجة لم ترد في وعد وزير الخارجية البريطاني وهي اعترافها "بالصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين". أما بخصوص الإشارة إلى غالبية سكان فلسطين (حوالي 90 في المئة وفقاً للتعداد البريطاني سنة 1922، وكانت من العرب المسلمين والمسيحيين)، فقد كررت الديباجة عبارة "الطوائف غير اليهودية في فلسطين"، ومبدأ عدم الانتقاص من "الحقوق المدنية والدينية" لهذه الطوائف، وأغفلت هي أيضاً ذكر حقوق العرب السياسية أو الوطنية.