واحدة من ظواهر النصب والاحتيال التي أصبحت مستشرية في المجتمع المصري، ظاهرة "المستريح" وهو لقب يطلقه الشخص على نفسه، ليجذب أكبر عدد من ضحاياه يجمع أموالهم تحت وهم زيادة الربحية، حتى يفيقوا على كابوس ضياع "تحويشة العمر"، وكأننا أمام مسرحية هزلية أو أسطورة تاريخية.
والمستريح، شخص يروج أنه يعمل في نشاط أو تجارة رابحة جدا ويوهم الناس بقدرته على إعطائهم فوائد شهرية مقابل أموالهم تتراوح ما بين 30% الي 40% وذلك اعلي مما تمنحه البنوك، وبعدما يجمع أكبر مبلغ ممكن من الأموال، يفاجئ الناس بهروب النصاب بأموالهم.
ومؤخرا ألقت الأجهزة الأمنية بأسوان خلال اليومين الماضيين القبض على المتهم مصطفى البنك الشهير بـ "مستريح أسوان" بعد استيلائه على قرابة ملياري جنيه، مستريح أسوان كان يعمل سائق "توك توك" لكنه تحول مؤخرًا لتجارة المواشي، ووعد مئات المواطنين بالثراء.
الأديب الكبير الراحل خيرى شلبى، كان أبرز من كتبوا عن القرية المصرية، وعن معاناة البسطاء والفقراء في الريف المصرى، مجسدا أحلام الثراء التي يعيش فيها هؤلاء، في روايته الشهيرة "بغلة العرش" تناول "سفير المهمشين" مشكلة الفقر، وطموح البسطاء في الثراء.
رواية "بغلة العرش" الصادرة عام 1995، تدور أحداثها في قرية بني سالم في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، بالتحديد في ليلة القدر، حيث ينتظر الأهالي ظهور "بغلة العرش" محملة بالذهب لتحط رحالها في بيت الشخص الموعود، لكن مع الذهب ثمة رأس قتيل أيضا على الشخص نفسه أن يدفنها في بيته.
ويقول الأديب الكبير الراحل خيري شلبى، في مقدمة الرواية: "مستوحاة من قصة كانت تحكيها له أمه كلما سألها لماذا هم فقراء رغم انهم من أصل عريق، وآخرون أثرياء مع أنهم من أصل وضيع؟ وكانت القصة أو الأسطورة تفتن خياله وهو طفل، وظلت تفتنه وهو كبير.
البغلة المقصود هنا في الأحداث، هي بغلة أخذها "عبد الرؤوف" وعليها خرج الذهب كانت تحمل فوقها رأس الحاج على داود- الدحلاب- فقد كان يجمع أموال الشباب العائدين من الخليج ويتاجر بها حتى نمت تجارته وأصبح من ذوى الأملاك، ومع ذلك ما زال يحتفظ بركوب البغلة، ويتظاهر بالزهد والفقر دفعا للطمع به ومطالبة المودعين، المهم أن الحاج على كان قرر أن يبيع كل ما يملك من ذهب بعد أن عرف بارتفاع أسعاره وخرج به فى خرج على البغلة فى هذه الليلة فهاجمه قطاع الطرق والمتربصون ولما عثر عبدالرؤوف عليها أتت به الشرطة مربوطا فى ذيل البغلة للتحقيق معه، فقد جاءته بغلة نعم، لكنها بغلة هلاكه التى تحمل له الشر بحمله، أما الذهب فليس من نصيب فقير كادح مثله.
ويحاول صاحب "وكالة عطية" أن يصل بنا الكاتب من خلال توظيف بغلة العرش هذه إلى ما يريد أن يقوله للقارئ وهو أن لا ثروة شريفة على الإطلاق وأن كل صاحب ثروة إما نصاب أو محتال أو مرتشٍ، لا ثروة منزهة على الإطلاق.