تحل اليوم ذكرى ميلاد الشاعر وعالم الفلك والرياضيات والفيلسوف عمر الخيام الذى اشتهر بعيدا عن ذلك كله برباعيات الخيام وهى مجموعة من المقطوعات الشعرية مكونة من أربعة أبيات البيت الثالث فيها مطلق الوزن بينما الثلاثة الأخرى مقيدة بالوزن.
غير أن الصورة الشائعة عن الخيام والتي تروج لفكرة كونه حائرا بين الزهد والمجون مأخوذة بالأساس من رباعيات الخيام التي تتردد في معانيها بين الإلحاد وبين الدعوة للمجون والدعوة للهو وبين طلب العفو من الله وإعلان التوبة، لذا اختلف العلماء في تصنيف عمر الخيام والأرجح أنه لم يخرج عن المألوف وإنما كان شعره صرخة تعبيرية عبرت عما يجيش به فؤاده بلا حدود أو فواصل.
من جهة أخرى هناك اختلاف حول كون الرباعيات تخص عمر الخيام فعلا، فهي قد تدعو بجملتها إلى اللهو واغتنام فرص الحياة الفانية، إلا أن المتتبع لحياة الخيام يرى أنه عالم جليل وذو أخلاق سامية، لذلك يعتبر بعض المؤرخين أن الرباعيات نسبت خطأ للخيام وقد أثبت ذلك المستشرق الروسي زوكوفسكي، فرد 82 رباعية إلى أصحابها ولم يبق إلا القليل الذي لم يعرف له صاحب.
وقد وضع الشاعر الإنجليزي إدوارد فيتزجرالد كتاب "أشعار عمر الخيام" في عام 1589، وجند العشرات من أساتذة الأدب في الجامعات الإنجليزية لنشر هذا الشعر الذى ينحو نحو مجال الخمر والإباحية.
يقول المفكر الإسلامي الراحل أنور الجندي: المراجعات الدقيقة التي أجريت منذ اللحظة الأولى كشفت عن أن فيتزجرالد حين وصلته المخطوطات الفارسية والهندية لم تكن بالوضوح الذي يمركزها كلها حول عمر الخيام. كما أن هناك أخطاءً بالغة في الترجمة، وهناك إشارة واضحة إلى سوء نية فيتزجرالد الذي استوحى النصوص ولم يترجمها، ما يؤكد الدس على عمر الخيام.
يقول عمر الخيام في إحدى رباعياته:
إن لم أكن أخلصت في طاعتك
فإني أطمع في رحمتك
وإنما يشفع لي أنني
قد عشت لا أشرك في وحدتك
ويقول في موضع آخر:
يا عالم الأسرار علـم اليقين
يا كاشف الضرّ عن البائسين
يا قابـل الأعذار فئنــا إلى
ظلّك فاقبـل توبـة التائبيـن
ويقول أيضا:
سمعت صوتاً هاتفاً في السحرْ
نادى من ألحان غفاة البشرْ
هبوا املؤوا كأس الطلى قبل أن
تفعم كأس العمر كفُّ القدر