يعرف الشاعر العراقى الراحل مظفر النواب بكونه صاحب القصائد السياسية التي لا تنسى فقد كانت رغبته في التمرد على السائد تضعه دومًا في دوائر الكتابة تعليقا على ما يحدث في فضاء السياسة غير أنه فضلاً عن ذلك كان يعبر عن أسلوب حياة رجل يعد ظاهرة خاصة في سلوكه وحياته.
يقول عنه أوس دواود يعقوب في كتاب شاعر الثورات والشجن إنه:"متفرد، متشرد كما هو في شعره، تمرد على الحياة فقست عليه وأضنته بما لاقى منها فشكا بشعر أقرب إلى الوجدان من الواقع حيث يقول:
آه من العمر بين الفنادق
لا يستريح
أرحنى قليلا
فإنى بدهرى جريح
غير أن مظفر النواب ابتكر منهجا خاصا به في الشعر تبعته أجيال من بعده يقوم على الفكرة الخاطفة السريعة التي تفضى إلى جمل شعرية قصيرة تؤدى المعنى بذات الإيقاع السريع المباغت الذى يحمل في طياته الغموض والسحر ففى قصيدته الشهيرة جسر المباهج القديمة يقول:
ملك العُمق…
أزور نجوم البحر
أزوّجها بنجوم الليل
أطيل لدى موضع أسرار الخلق
زياراتي
سوف أحدثكم في الفصل الثالث عن أحكام الهمزة
في الفصل الرابع عن حُكام الردّة
وأما الآن فحانات العالم فاترة
ملل يشبه علكة بغي
لصقته الأيام بقلبي
يا صاحب هذا الفَلك المتعب
كنت تسميه سفينة عشق
أنّى أوقدت سيفقس هذا البيض الفاسد
أوساخاً
ألديك فوانيس؟
زيت ما لمسته يدان؟
روح تبصر في الزمن الفاسد؟
أوقدَ بَحّارُ البَحّارين قناديل سفينته
أبقاها خافتة
بَحّار البَحّارين ومن جمع اللؤلؤ والأضواء وأصوات البحر
بخيطٍ لحبيبته
أبقاها خافتةً
تملك أحلى ميم أعرفها
ولها جسد مزجته الآلهة الموكولة بالمزج
فبالغ بالطيب وأربى بالحسن عليها ... ارتبكت.
توضأت بماء الخلق،
أخذت بهذي القيثارة
دوزنت عقوداً أربعة
وشددت على وجع المفتاح الخامس والسابع
فاعترض النحو البصري عليَّ
كذاك اعترض النحو الكوفيّ
من لا أعرفه يعرف نحواً في الشعر
دع الريح يهدهدك الهدهدة الإهداء
نذرك كان كثير الشمع الأحمر والآس
ومرت كل شموعك من تحت الجسر
وأوغلت كثيراً في البحر
فأين البصرة؟ !
صحيحٌ أين البصرة؟