عند زيارتك للمتحف البريطاني ستجد هناك جزءًا من تاريخنا المصري القديم ولعل أبرزها حجر رشيد، الذى تم اكتشافه رشيد عن طريق الصدفة من قبل جيش نابليون، حين كانوا يحفرون لتشييد أساس لحصن قرب بلدة رشيد فى دلتا النيل فى يوليو 1799، وبعد هزيمة نابليون، تم تسليم الحجر إلى بريطانيا بموجب شروط معاهدة الإسكندرية فى عام 1801 وغيره من الآثار التى وجدها الفرنسيون، وتم شحنه إلى إنجلترا ووصل إلى بورتسموث فى فبراير 1802، وسرعان ما تم عرضه فى المتحف البريطاني، ولكن تم نسخ الحجر بعد ذلك ووضعه في عده متاحف فكم عدد تلك النسخ وهل قام شامبليون بفك رموز الحجر على نسخ أم القطعة الأصلية؟.
ولمعرفة الإجابات على تلك الأسئلة المطروحة، تواصلنا مع باحث علم البصريات الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، والذى قال: إن هناك العديد من النسخ لحجر رشيد فنجد في المتحف المصرى بالتحرير نسخة متميزة، إلى جانب نسخة توجد في متحف آثار مكتبة الإسكندرية والتي كانت توجد في المتحف اليوناني الرومانى، وعمرها تجاوز الـ 100 عام، بالإضافة لنسخة أخرى في متحف المخطوطات بالإسكندرية، وهى النسخ المتعارف عليها حتى الآن.
ولفت الدكتور حسين عبد البصير أن شامبليون أجرى أبحاثه لفك رموز حجر رشيد على نسخ من الصور وليس على القطعة الأصلية الموجودة في المتحف البريطاني، وقد سبق وتم إرسال تلك النسخ لعدد من العلماء قبل أن ترسل لشامبليون وهم توماس يونج، ابن وحشية، ذي النون المصري، اثناسيوس كيرشر، وتم إقامة الأبحاث والدراسة على تلك الصور.
كان شامبليون منذ بدايته محبًا للتاريخ وأقدم على دراسته، وقد درس اللغات الشرقية والقبطية على يد كبار علماء عصره، وقد قام بتدريس التاريخ مدة من الزمن، ثم سافر إلى باريس ليعمل كأول أمين للمجموعة المصرية فى متحف اللوفر، كما شغل وظيفة أستاذ كرسى الآثار المصرية فى "الكوليج دى فرانس"، وقد وضع معجمًا فى اللغة القبطية.
واستطاع فك رموز اللغة المصرية القديمة بعد استعانته بحجر رشيد الذى اكتشف أثناء الحملة الفرنسية على مصر، ما فتح الباب لفهم الحضارة المصرية القديمة ومعرفة الكثير من أسرارها، وتأسيس علم المصريات فى أعرق جامعات أوروبا.
لم يكن إنجاز شامبليون بفك رموز اللغة المصرية القديمة فى عام 1822 بالأمر الهين، فقد جاء نتيجة صبر وبحث طويل ومرهق، فقد عرف كيف يجمع ومضات الضوء التى أنجزها علماء المصريات قبله لتصبح كشفًا هائلاً.
ولم يقف جهد شامبليون عند هذا الحد بل إنه جاء إلى مصر ليواصل أبحاثه واكتشافات كنوز الحضارة الفرعونية، وقد عاش فى مصر لمدة سنة ونصف لم يتوقف خلالها عن التنقيب عن الآثار الفرعونية، حيث أجرى مسحاً منهجياً للنقوش، والكتابات الموجودة على المعالم الأثرية، ووضع كتاب "آثار مصر وبلاد النوبة" عن مشاهداته فيها.
وعندما عاد إلى باريس تم تعيينه فى وظيفة أستاذ كرسى الآثار المصرية، إلا أنه استقال، وكرس بقية حياته فى وضع كتاب قواعد اللغة المصرية، وقد تمكن من إتمامه قبل موته فى عام 1832.