يعرف الديكتاتور بأنه المستبد، وهو الحاكم الذي لا يحكم عبر الوسائل الديمقراطية، ونشأت تلك الكلمة من لقب القاضي في روما القديمة والذي كان يعين من قبل مجلس الشيوخ لسيادة الجمهورية في أوقات الطوارئ، وعلى خلاف الصورة التي ترسم دائما للديكتاتور بأنه شخص غليط القلب ليست لديه ثقافة ولا اهتمامات أدبية وفنية، ظهر الكثير من الديكتاتورين بصورة مغايرة.
مؤخرا صدر عن دار إلكا للنشر فى بلجيكا، ترجمة عربية لدراسة بعنوان "مكتبة هتلر الشخصية"، للمؤرخ والباحث الأمريكى تيموثى دبليو ريباك، وفى هذه الدراسة يرصد "ريباك" 3 آلاف كتاب قرأها النازى، بداية من أول كتاب.
يفحص تيموثى دبليو ريباك في دراسته بطريقة سردية مثيرة حياة هتلر مع الكتب منذ الكتاب الأول الذى اشتراه فى يوم إثنين كئيب من أواخر نوفمبر من عام 1915، بالقرب من الجبهة في شمال فرنسا من مكتبة فورنس عن التاريخ المعمارى لمدينة برلين حتى أصبحت ثلاثة آلاف كتاب مخبأة في صناديق البيرة في منجم في بافاريا، وقد بقيت حالة الكتب سليمة بعد انتهاء الحرب، قارئا هوامشها وإهداءاتها وتعليقاته عليها مبينا لنا أن العلاقة بين الرجل وكتبه تتطور بينما هو ينتقل من خنادق الحرب العالمية الأولى إلى مستشارية الرايخ في الثلاثينيات إلى القبو حيث أمضى الأخيرة.
والعلاقة على الديكتاتورة والثقافة بعيدة، لكن التاريخ دائما كان شاهد على ديكتاتورين مثقفون، ففي روما انشئ نيرون عدة مهرجانات وشارك في مسابقات للشعر والأغاني والجيتار، جل هذه التناقدات في الإمبراطور الدموي تجعلنا نتسائل هل يمكن الحكم عن إبداع الطاغية بعيدًا عن شخصيته؟ القدرة على الانفصام والتناقض سمة أساسية في الديكتاتور، فوريث ستالين الروحي يوري أندربوف كان يضطهد المعارضين ويسحق الانتفاضة صباحا ويكتب قصائد الحب لزوجته ليلا.
الزعيم السوفييتي ليونيد بريجيتيف الذي حاز سنة 1979 على جائزة لينين في الأدب عن ثلاثة أعمال: "الأرض الصغرى"، "الأرض البكر" و"الانبعاث"، والمعروف أن الزعيم الذي طارد الكُتاب والأدباء وألقى بهم في السجن لم يكتب أيا من تلك الكتب. هوس الأدب ظهر عدة مرات على مدار التاريخ لدى طغاة أرادوا البحث عن ألقاب جديدة كأديب مثلا، مما جعلهم يتفرغون بشكل كلي للتأليف.
الكاتب الصحفى اللبناني سمير عطا الله، يشير إلى أن حوارات موسوليني مع المؤرخ والمفكر الألماني إميل لودفيج، توضح أنه قارئ نهم للتاريخ، وتلميذ جيد للحضارات، ونظرته ثاقبة إلى سابقيه أو معاصريه، ومن قادة ومفكرين وآيديولوجيين. والأكثر أهمية، معرفته واسعة في شؤون الحكم وإدارة الدولة.
ماوتسي تونج، كانت السمات التي يتم تأكيدها في شخصية «ماوتسي تونج» حبه الكبير للكتب والقراءة.. ففي كل مرة كان يشعر فيها بالحصار أو كان يتم وضعه على الهامش قليلاً كان يأنس إليه، فضلا عن تأليفه كتاب " الكتاب الأحمر" وهو عبارة عن مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ كتيب صغير طُبع بكل لغات العالم تقريباً طُبع منه أكثر من 800 مليون نسخة وقد وصل عدد النسخ إلى المليار نسخة تقريباً ودخل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، ويعتبر من أهم الكتيبات التي رسخت للفكر الماوي كتطور ثالث للماركسية اللينينية.