رغم كونه شخصية خيالية لكنه ارتبط فى ذاكرة القراء وكأنه جزء من وجدانهم، صاحبه جسده فى أعماله فتصورنا أننا أمام "لحم ودم"، جسد يتحرك بشكل مشاعره وأحاسيسه، رحل صاحبه لكنه خلده، وأصبحنا أمام أسطورتين أحدهما كاتب تحول لأب روحي لجيل كامل من الشباب هو الكاتب الكبير أحمد خالد توفيق، وآخر تحول من شخصية روائية إلى أحد الأساطير المتجذرة في الخيال المصري، هو شخصية "رفعت إسماعيل".
رفعت إسماعيل لم يكن مبهرا أو مثاليا، لم يكن أرستقراطيًا فاحش الثراء، ولا مناضلاً ثوريًا يطالب بالعدالة الاجتماعية والمساواة، لكنه ربما كان صادق في تصرفاته التي جسدتها كلمات أحمد خالد توفيق، كما أنه لم يكن أسطوريا فيما صورته الرواية بل كان شبيها إلى قطاع كبير من جيل الشباب، كسول وغيور وسريع الغضب، ربما لم يكن رومانسيًا بالشكل التقليدي ولكنه كان عاشقًا بكل عنفوان قلبه.
أحمد خالد توفيق نجح عن طريق شخصيته "رفعت إسماعيل" أن يعبر عن جيل من الشباب، وعن طموحاتهم وانهزاماتهم، فكان بمثابة لسان لجيل كامل، كذلك نجح توفيق في خلق حالة وجودية بينه وبين جمهوره، ولم يسبق لأحد تجربتها وهي أن "الكاتب والقارئ" يسيرون في الحياة ويكبرون في خط زمني واحد.
ربما التأثر الكبير الذى خلقه أحمد خالد توفيق فى الشباب، والأثر البالغ لشخصيته الروائية "رفعت إسماعيل" جعلت الكثير من تلاميذه ومحبيه يقدمون على خطوة الكتابة وهذه المرة عن "رفعت" يخطبونه وكأنه شخصية حقيقية، وكأنهم يمنوا أنفسهم أن يظهر ليعوضهم رحيل "العراب".
ومن هذه الأعمال التى صدرت لتخاطب شخصية "رفعت إسماعيل" كان كتاب الكاتبة سارة درويش، تحت عنوان "عزيزى رفعت"، وهى مجموعة من الرسائل كتبتها على مدار 6 سنوات للتعافى بالكتابة من الاكتئاب.
تقول الكاتبة سارة درويش: "قبل الرسائل كنت أشعر بالتبلد التام، كأن هناك فجوة سوداء تحاصر قلبى، يسقط فيها كل شىء قبل أن يصل لقلبي وأتأثر به مع كل رسالة كنت أشعر أنني أصبحت أخف، أنني أفهم نفسي أكثر وأصبحت أكثر قربًا لنفسى".
وتابعت: "من خلال الرسائل اكتسبت عشرات الأصدقاء الذين قاسمونى مخاوفى وشعورى بالخوف والضعف، وهو ما قلل من مخاوفى ومن شعورى أننى أعانى لأنني أضعف أو أن عندى مشكلة ما".