تمر هذه الأيام ذكرى استشهاد الخليفة عثمان بن عفان، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو تولى خلافة المسلمين بعد "أبا بكر وعمر" اثنتي عشرة سنة، وقد بدأت أحداث الفتنة في النصف الثاني من ولايته وهي التي أدت إلى استشهاده ومقتله، وكان ذلك حسب عدد من المراجع التاريخية في يوم الجمعة 18 من شهر ذي الحجة سنة 35 هـ، وعمره اثنتان وثمانون سنة، ومع وجود اختلاف على يوم رحيله حيث هناك احتمالين إما أنه قتل فى 17 يونيو عام 656م، أو فى 17 يوليو من العام نفسه، وعلى أي سوف نستعرض لمحة من سيرته العطرة حسب ما جاء به مشروع "حكاية الشارع" حيث يوم شارع يحمل اسم عثمان بن عفان بالقاهرة، ووضع عليه لافته ضمن المشروع تعرض أبرز محطات حياته.
هو أبو عبد الله عثمان بن عفان الأموي القرشي، ولد سنة 576م أي ما يوافق عام 47 قبل الهجرة، لقب بذى النورين لأن النبى – صلي الله عليه وسلم – زوجه ابنته رقية، فلما ماتت زوجه أختها أم كلثوم، قال العلماء: ولا يعرف أحد تزوج بنتي نبي غيره، قال فيه النبي – صلي الله عليه وسلم – "ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة"، وقيل فيه أيضا "وقد بشره بالجنة علي بلوى تصيه"، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة الذين توفي النبي – صلى االله عليه وسلم – وهو عنهم راض.
أوصافه الخلقية
وقد اشتهر – رضي الله عنه – بالكرم والانفاق في سبيل الله، وقد تقدم ذكر شيء من ذلك، وقد كان شديد الحياء ويروى فى ذلك قصة مشهورة من حديث عائشة رضى الله عنها، قالت كان رسول الله – صلي الله عليه وسلم – مضطجعا في بيتي، كاشفا عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له، وهو كذلك، فتحدث ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله – صلي الله عليه وسلم – وسوي ثيابه، قال محمد: ولا أقول ذلك في يوم واحد، فدخل وتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك؟! فقال: "ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة ؟!".
مناقبه
له من الموقف العظيمة فقد سطر رضي الله عنه آيات التضحية، والبذل والعطاء للأمة لأجل إعلاء راية الإسلام، ومن أهم مناقبه: أنه هاجر الهجرتين الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة، وحفر بئر رومة وتصدق بها على المسلمين.
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يشتري بئر رومة فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين، بخيرٍ له منها في الجنة"، فاشتراها من صلب ماله.
ومن أعظم ما سطر له موقفه في تجهيز جيش العسرة، حيث كان مثالا عظيما في الإنفاق والبذل، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ذاك اليوم "ماضر عثمان ما فعل بعد اليوم"، قال الزهري: جهز عثمان بن عفان جيش المسلمين في غزوة تبوك بتسعمائة وأربعين بعيراً وستين فرساً، كما قام بتوسعة المسجد النبوى، وفي عهده جمع القرآن الكريم، وتوسعت فتوحات المسلمين، ووصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها، وقد اشتهر – رضى الله عنه – بالكرم والإنفاق في سبيل الله، وقد تقدم ذكر شيء من ذلك.
أما عبادته، فقد كان صواماً قواماً، قال ابن عمر في قول الله تعالى: "أمن هو قانت أناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه" ذاك عثمان.
ومن أقواله العظيمة التي تدل على ورعه وتقواه، أنه كان يقول: ما زنيت ولا سرقت، لا في جاهلية ولا في إسلام، فكان يمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خياركم في الجاهلية، خياركم في الإسلام إذا فقهوا".
خلافته
بويع عثمان بالخلافة بعد الشورى التي تمت بعد وفاة عمر بن الخطاب سنة 23ه/ 644م، وعمره 68 عامًا، وقد استمرت خلافته نحو اثنى عشر عاماً.
أعماله أثناء خلافته
اتسعت الدولة الإسلامية في عهده، حيث قام بفتح عدد من البلاد، منها فتح مدينة "مرو وتركيا" والإسكندرية وأرمينية والقوقاز وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص، كما أنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين.
وكان من أهم إنجازاته جمع كتابة القرآن الكريم الذي كان قد بدء بجمعه في عهد الخليفة أبي بكر الصديق، وجمع القرآن الكريم في مصحف مكتوب برسمه إلى الوقت الحالي.
وقد قام بجمع القرآن الكريم في مصحف واحد، حيث انتشر الإسلام في عهده في بلاد كثيرة وتفرق الصحابة مما أدى إلى ظهور قراءات متعددة وانتشرت لهجات مختلفة فكان الخوف من اختلاف كتابة القرآن وتغير لهجته، فجمع عثمان المسلمين على لغة قريش أي لهجة قريش وهي لهجة العرب. وتكتب الكتابة للقرآن بلسان العرب ويسمى (مصحف عثمان) أو المصحف الامام.
فتنة مقتله
فتنة مقتل عثمان أو الفتنة الكبرى وتعرف كذلك بالفتنة الأولى، وهي مجموعة من القلاقل والاضطرابات والنزاعات، أدت إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفان، ثم تسببت في حدوث نزاعات وحروب طوال خلافة علي بن بي طالب، وقد أدت أحداث الفتنة إلى اغتياله وكان ذلك في يوم الجمعة الموافق 18 من شهر ذي الحجة سنة 35هـ، ودفن في البقيع بالمدينة المنورة.