أعلنت دار العين للنشر، عن صدور رواية "عصور دانيال فى مدينة الخيوط" للكاتب أحمد عبد اللطيف، والتى من المزمع أن تصدر خلال الأيام المقبلة، والتى تدور حول عالم شيَّده الكاتب لمدينة الدمى فى إطار فانتازي ينطلق من الواقع ويعود إليه.
فى بداية أحداث رواية "عصور دانيال في مدينة الخيوط"، نطالع مشهد دُمى في الشرفات والنوافذ تنظر إلى مشهد دمى ذبيحة في الأسفل. هذا المسخ المُضاعف، أو الموت المزدوج، يضعنا في قلب الصدمة، ويفتح أعيننا على مدينة ترزح تحت عقوبة ثقيلة. صادفنا في «ألف ليلة وليلة» أكثر من مدينة ممسوخة، إما كعقاب إلهي، أو دون سبب واضح مثل «مدينة النحاس». لكن بشر المدن المعاقبة وغير المعاقبة في الليالي يتحولون إلى تماثيل، ولا يعودون يتألمون، بعكس البشر الدُمى في هذه المدينة الذين يشعرون بالرعب من القتل، من تيه أطفالهم وسط الفوضى، من غرق المدينة تحت طوفان مطر لا يتوقف. وهم رغم العقوبة التي أُنزلت بهم وبمدينتهم لم تزل لديهم الرغبة في النجاة، يحاولون عمل شيء، بينما يجلس دانيال ابن النور، ابن الظلام، يدون بلا انقطاع صفحات يراكمها خلفه، كأنه فرعون يبني هرمًا من الأوراق ليخلد تحته، في حين تتكرر سيمفونية رومانس لارجيتو لشوبان كأنها عزف كوني.
ومن أجواء "عصور دانيال في مدينة الخيوط" نقرأ معا:
"في صباح الثالث والعشرين من فبراير فتحت الدُمى بيد خشبية نوافذ غرفها وأبواب شرفاتها لتشاهد بعيون زجاجية لم ينقصها الصعقة والرعب عشرات الجثث الملقاة حول نافورة الميدان الرئيسي بدم يطفو على ماء المطر وعيونٍ مفتوحة على العدم.
كانت جثثًا مرصوصة بيد آدمية في شكل زهرة مفتّحة وقلب الزهرة النافورة نفسها وكانت جثثًا لرجال مذبوحين وعرايا ونائمين على ظهورهم بوجوه متبتلة إلى سماء رمادية تنبئ بالمطر وعيون منطفئة تحت أجفان متهدلة ومرهقة أجفان تحميهم من النور بعد أن عجزت عن أن تحميهم من الظلام وكانوا على ظهورهم ويدا كل منهم متشابكتين في يد آخر يمينًا ويسارًا كأنهم سينهضون في لحظة ليطوفوا حول النافورة أو كأنهم ناموا في صحبة وفاجأهم الموت على حين غرة وكانت أجسادهم هامدة كأنها لم تعرف الحياة يومًا والقطع العرضي بالرقبة منبع الدم مثل شارع واسع يمكن من خلاله التطلع إلى خوف قلوبهم المتوقفة وفي فم كل واحد منهم عضو ذكري مبتور من مكانه الأصلي لينام في ليلة سوداء في موضع غير موضعه".
أحمد عبد اللطيف روائي ومترجم وصحفي وباحث مصري من مواليد 1978. حصل على الليسانس في اللغة الإسبانية وآدابها، وعلى الماجيستير في الدراسات العربية بجامعة أوتونوما دي مدريد، ويدرس للدكتوراه في الأدب العربي الحديث بجامعة غرناطة.
صدرت عدة روايات: "صانع المفاتيح" (2010)، "عالم المندل" (2012)، "كتاب النحات" (2013)، "إلياس" (2014) و"حصن التراب" (2017)، التى وصلت إلى القائمة الطويلة فى جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، فى دورتها لعام 2018، وفازت روايته الأولى بجائزة الدولة التشجيعية بمصر عام 2011، وفازت روايته الثالثة "كتاب النحات" بالمركز الأول في جائزة ساويرس الثقافية دورة 2015.