أسس سيف الدولة الحمدانى إمارة حلب بعد فشل محاولاته السيطرة على الدولة العباسية فى بغداد فى أوائل 940 ميلادية، حيث تحول طموح سيف الدولة تجاه سوريا.
وقد أحاط سيف الدولة الحمدانى نفسه بالشعراء والمؤرخين والكتاب من أهمهم الشاعرين الكبيرين المتنبي وأبو فراس الحمداني الذي كان ابن عم سيف الدولة والواعظ ابن نباتة والفيلسوف الكبير الفارابي.
وبحسب كتاب "أبو بكر الخوارزمى - بين نثره وشعره - جزء 14 من سلسلة أعلام الأدباء والشعراء" لـ مأمون بن محيى الدين الجنان، فإن المتنبى عاش فى كنف سيف الدولة تسع سنوات، ولولا أن المتنبى كسف أى "أخفى" عددا كبيرا من شعراء الأمير الحمدانى لظهروا بشكل أوسع وعددا أوفر ويكفى أن يكون الشعراء الذين ظهروا فى عهد سيف الدولة هم "أبو فراس الحمدانى، السرى الرفاء، الصنوبرى، كشاجم، أبو بكر أبو عثمان، النامى، الوأواء الدمشقى، ابن نباتة السعدى، أبو الفرج الببغاء، الزاهى، الناشئ"، كما عاش فى كنفه الحسين بن خالويه، وأبو الطيب اللغوى، وأبو على على الفارسى، أبو عثمان بن جنى".
الشاعر والمؤرخ الشهير أبو الفرج الأصفهاني كان أيضاً من رواد البلاط الحمداني حيث قام بإهداء موسوعة الشعر والأغاني الشهيرة "كتاب الأغاني" إلى سيف الدولة.
وقد كان سيف الدولة يعطي الشعراء الهِبات الخاصة ولكن بلاطه كان يشمل أيضا علماء الدراسات الدينية، التاريخ، الفلسفة بالإضافة إلى علم الفلك.
اهتمام سيف الدولة بالشعراء كان له فائدته السياسية حيث كان من واجب شاعر البلاط أن يحتفي به في شعره، فمن خلال شعر هؤلاء شاع نفوذ سيف الدولة في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
وكان المتنبي أكثر الشعراء موضعاً للحسد في بلاط سيف الدولة وذلك لما كان يتميز به من نبوغ ولما كان يحظى به من مكانة خاصة عند سيف الدولة وقد كشف ذلك المتنبي بقوله:
أزل حسد الحساد عني بكبتهم
فأنت الذي صيرتهم لي حسداً
وقد كان معظم خصوم المتنبي كانوا من العجم وفي مقدمتهم ابن خالويه الذى ناقش المتنبي في قصيدة فقال المتنبي: ويحك فإنك أعجمي فمالك والعربية، فأخرج ابن خالويه من كمه مفتاحاً حديدياً وضرب به المتنبي فشج وجهه، كما كان من أبرز خصوم المتنبي أبو فراس الحمداني الذى أنكر على ابن عمه سيف الدولة الحمدانى العطاء الذى كان يعطيه للمتنبى والذى كان يفوق أى شاعر.
وفى النهاية استطاع حساد المتنبى إفساد مكانته ووشوا به عند سيف الدولة حتى فسدت العلاقة بينهما، فرحل إلى مصر لكنه قبل أن يترك بلاط الحمدانى عاتب سيف الدولة بقصيدة شهيرة يقول في مطلعها: وا حر قلباه ممن قلبه شبم ومن بجسمى وحالى عنده سقم، إلى قوله: هذا عـتابـك إلا أنـه مقـة قـد ضمـن الدر إلا أنه كلم.
وهكذا صار ما جرى بين المتنبى وسيف الدولة الحمدانى حدثا في التاريخ العربى خصوصا أن المتنبى لم يستقر في مصر إلا فترة قصيرة عند كافور الإخشيدى ثم تفرقت به السبل.
خرج المتنبى من مصر إلى المغرب التى حكمها الفاطميون ولم يمكث فيها طويلا بعدما دبرله أحد شعرائها "إبن هانئ" مكيدة، فكانت بلاد فارس آخر البلدان التى وطأتها قدمه، قبل مقتله على يد فاتك الأسدى قبل بلوغه العراق.