"إيه رأيك يا حبيبتى فى فسحة على الكورنيش.. ناكل درة ونشرب منجة؟! هكذا همست فى أذن زوجتى فما كان منها إلا أن فتحت فمها وجحظت عيناها من هول المفاجأة التى يبدو أنها لم تخطر لها على بال.. كررت السؤال على مسامعها وأنا أهزها لكى تفيق من غيبوبتها فقال وهى تبدو غير مصدقة "انت بتتكلم جد؟" هذا جانب من الكتاب الساخر "هى دى مصر يا هبلة"، والذى يعد الكتاب الأول فى سلسلة حكايات أنا والمدام والعيال للكاتب الساخر هشام مبارك، ويتناول فيها أحوال الأسر المصرية وتفاعلها مع ما يجرى حولها من أحداث سواء محلياً أو خارجياً من خلال أب وزوجته وأولاده.
"فى ساعة عصرية جلس عنترة بن شداد وزوجته عبلة بنت مالك فى بلكونة الفيلا التى اشتراها عنترة بعد أن تحول إلى رجل أعمال له عدة أنشطة من أبرزها التجارة فى النوق العصافير التى كان يستوردها من أرض الملك النعمان لبيعها مذبوحة فى فروع المجمعات الاستهلاكية" فى مزج بين التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والظروف السيئة التى مر بها الشعب المصرى، استطاع هشام مبارك أن يصنع نوعا من الكتابة المعتمدة على المعايشة المباشرة بعيدا عن الادعاء والخيال، فمن خلال أسرة تتكون من زوج متوسط الحال وزوجة متربصة تماما وأبناء يحلمون بوضع أفضل تتفجر السخرية فى هذا الكتاب.
"قررت أن أتقمص دور الحكومة عندما تتعامل مع الشعب وأنا أشتغل للعيال وأمهم فى الأزرق.. أعلنت فى اجتماع عائلى أثناء تناول طعام العشاءعلى الطبلية بأنى أفكر جديا فى تطبيق الدعم النقدي!!.. توقفت زوجتى عن تناول الطعام ونظرت لى فى ارتياب وهى تقول "والكلام ده معناه إيه إن شاء الله"، يتضمن الكتاب عدة نصوص ساخرة من بينها "شقة وجاموسة يارب، عمر المحتار، هاركب الحنطور واتحنطر، ماشربتش من زيرها، النصب التذكارى للقفا المجهول، اسرقنى شكرا، دروس خصوصية فى اللصوصية، بوش عنخ آمون، اكتب لكم من تحت اللحاف"، ليس كل الحكايات التى اعتمد عليها هشام تدعو لإثارة البهجة، بل معظمها نقد اجتماعى للظروف المحيطة بالمواطن المصرى فالغلاء والزحام والدروس الخصوصية والنكد الأسرى موضوعات أثيرة داخل الكتاب.
حتى الأحداث العالمية مثل التسريبات الشهيرة لـ"ويكلكس " كان لها نصيب يقول هشام "فجأة وجدت زوجتى تهتم بمتابعة الأحداث المحلية والعالمية اهتماما غير عادى وبعد أن كانت ترجونى عدم إحضار الصحف والمجلات التى أعيتها الحيل فى التخلص منها بعد أن اعتبرتها السبب الأول فى كركبة الشقة حيث تضطر زوجتى بعد أن يزداد عدد الصحف عن طاقة ترابيزة السفرة إلى وضعها فى كرتونة حتى أصبح لدينا عدد كراتين جرايد يصلح للتسجيل فى موسوعة جينس للأرقام القياسية" لكن بعد هذا الرفض بدأت الزوجة تطالب بإحضار الجرائد بحثا عن اسمه ضمن المنشورة أخبارهم فى موقع ويكلكس.