تشكل تحولات المناطق المدنية في القاهرة تصاعدا معروفا من البداوة إلى المدنية ومن الهجران إلى العمران وهكذا تحولت أراض زراعية وبرك ومستنقعات إلى مناطق شهيرة في وسط العاصمة ومنها منطقة الأزبكية التى كانت بركة يوما ما بل كانت بركة عظيمة في العصرين المملوكى والفاطمى.
وقد ذكر المقريزي في كتاب المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار قصة بركة الأزبكية فقال "فلما كانت الشدة العظمى في زمن المستنصر بالله، هجرت البركة وبنى مكانها عدة مواضع سميت بحارة اللصوص إذ ذاك، فلما كان في أيام الخليفة الآمر بأحكام الله ووزارة الأجل المأمون محمد بن فاتك البطائحى، أزيلت الأبنية وعمق حفر الأرض وسلط عليها ماء النيل من خليج الذكر فصارت بركة عرفت باسم بطن البقرة".
وكان موضع البركة في العصر الفاطمي جزءاً من بستان كبير يسمى بستان المقس يقع بين المقس وجنان الزهري، وكان يشرف على النيل.
وقد وصفها حسن العطار شيخ الجامع الأزهر المتوفي سنة 1250 هجرية كما ورد في تاريخ الجبرتى "الجزء الثالث" فقال: "وأما بركة الأزبكية فهي مسكن الأمراء، وموطن الرؤساء، قد أحدقت بها البساتين الوارفة الظلال، العديمة المثال، فترى الخضرة في خلال تلك القصور المبيضة، كثياب سندس خضر على أثواب من فضة، يوقد بها كثير من السرج والشموع، فألانس بها غير مقطوع ولا ممنوع، وجمالها يدخل على القلب السرور، ويذهل العقل حتى كأنه من النشوة مخمور، ولطالما مضت لي بالمسرة فيها أيام وليالي، هن في سمط الأيام من يتيم اللآلي، وأنا أنظر إلى انطباع صورة البدر في وجناتها، وفيضان لجين نوره على حافاتها وساحاتها، والنسيم بأذيال ثوب مائها الفضي لعاب وقد سل على حافاتها من تلاعب الأمواج كل قرضاب، وقامت على منابر أدواحها، في ساحة أفراحها، مغردات الطيور، وجالبات السرور، ولذيذ العيش بها موصول".
ويعتبر الخديوى إسماعيل هو المؤسس الحديث للأزبكية حيث عاد عام 1867م من زيارته لباريس مبهوراً بعمرانها الحديث وشوارعها وحدائقها فقرر تحويل الأزبكية إلى حى حديث على شاكلة الأحياء الباريسية، يضم حديقة رائعة فأصدر أوامره عام 1864م بردم البركة التي كانت تتوسط الميدان و أنشأ فى نفس مكانها عام 1872م حديقة الأزبكية على يد المهندس الفرنسي باريل ديشان بك.