أديب آخر من أدباء نوبل انضمت أعمالهم إلى قائمة الأعمال المترجمة إلى العربية، وذلك بعد أقل من عام من فوزه بجائزة نوبل في الأدب لعام 2021، صدرت أول ترجمة عربية للأديب التنزاني عبد الرزاق قرنح الفائز بجائزة نوبل فى الأدب لعام 2021، حيث أعلنت دار أثر للنشر عن صدور ترجمة روايتين لأديب نوبل هما "ذاكرة الرحيل" و"ما بعد الموت".
وتحدث المترجمة السورية عبير عبد الواحد مترجمة رواية "ذاكرة الرحيل" قائلة: بالتأكيد استغرقت مني الترجمة الوقت الذي يتطلبه نقل نص إلى العربية بإتقان وبأفضل صورة ممكنة، فقبل كل شيء على المترجم أن يقرأ العمل كاملا وأن يكون متمكّنًا من أدواته ومصادره للترجمة، وأن يحاول قدر الاستطاعة الإحاطة بكل ما يتعلق بالنص المراد ترجمته من معلومات تاريخية وسياسية وجغرافية، إضافة إلى التعرف جيّدًا إلى المؤلف وأسلوبه الكتابي، وكانَ كل ما ذكرته آنفا لدى شروعي بترجمة ذاكرة الرحيل للروائي التنزاني عبد الرزاق قرنح، علاوة على ذلك كان علي البحث عن قواميس سواحيلية للاستعانة بها معنى ونطقا، بما أن عبد الرزاق جرنة يضمن أعماله مفردات سواحيلية وعربية وألمانية.
وأضافت "عبد الواحد" في تصريحات خاصة لـ "انفراد"، أنها كانت فرصة طيبة أَن تشاطرت مع فريق كامل، بتكليف من دار أثر السعودية، نقل أعمال عبد الرزاق قرنح من الإنجليزية إلى العربية، وكانت ذاكرة الرحيل، وهي باكورة أعمال المؤلف، من نصيبي.
وعن الرواية قالت المترجمة عبير عبد الواحد، إن ذاكرة الرحيل تروي قصة الشاب حسّان عمر وعبوره سن الرشد ضمن عائلة تعاني من العوز والفاقة، في ظل أب سكير معنف ومنحل أخلاقيا، ما أورث الصبي ذاكرة أليمة تجوبها أشباح اليأس والأسى وجلد الذات، وفي غمار هذه المشقة وعقبات أخرى تعترض سبيل دراسته، يقرر حسان عمر السفر إلى نيروبى للإقامة في بيت خاله الثري، على أمل أن يفرج الأخير عن نصيب والدته الشرعي من ميراث العائلة، ومن ثم يقصد البحر، بوصفه ملاذه الأخير.
هذه الولادة الروحية، بالأحرى نقطة التحوّل في حياة حسان عمر، ترمز إلى قضيّة أكبر في النهاية، حيث تعكس مطامحه ومعضلاته كفاح العالم الثالث في إفريقيا للتخلص من جلده الاستعماري، وما لحق به طويلا من فقر وحرمان وقمع، والسعي إلى تأسيسِ هويّته الجديدة.
وعن القضايا التي تناقشها أعمال أديب نوبل لعام 2021، لفتت المترجمة إلى أنه من خلال شخصيّاته ومشاقها وهمومها اليومية البسيطة والمصيرية أيضا، يهدف عبد الرزاق قرنح إلى تسليط الضوء على موضوعات هامّة مثل الهجرة والنزوح والعنصرية والنضال من أجل الاستقلال، والتركيز على مرحلة ما بعد الاستعمار، والحكومة التي تحنثُ بوعودها، والعبودية وتجارة الرقيق التي سادت شرق إفريقيا، تجارة الرقيق عبر الأطلسي الشهيرة، على سبيل المثال، والتي تسببت فى بيع ملايين الأفارقة واستغلالهم على يد الأوربيين، ويشار إلى أن العرب هم من زاولوا هذه المهنة من قبل، وتولّوا تجارة الرَّقيق في تلك الأنحاء.
وتابعت "عبد الواحد" كما تركز روايات قرنح على قضية اللاجئين العالقين في الهوة بين الثقافات والقارات، ويُعتبر الرحيل الفكرة الأبرز في أعماله، الرحيل، رغم رعونته، بوصفه خلاصًا مُتوَهمًّا من حكومة مستهترة ودموية، وبيئة ما بعد استعمارية اجتماعية وسياسية واقتصادية متردّية يسودها الفقر والتخلّف، لكن اليأس والمنفى والاصطدام بالواقع على الجانب الآخر.
وأتمت مترجمة "ذاكرة الرحيل" أن في تقديم أعمال قرنح الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 2021 للقارئ العربي فرصة للاطلاع على موهبة أدبية مميزة، وعلى مواضيع تتعلق بتنزانيا في مرحلة ما قبل الاستعمار وبعده، ومواضيع تخصّ إفريقيا بوجه عام.
وعبير عبد الواحد، مترجمة سورية من دمشق، خريجة كلية الاداب قسم اللغة الإنجليزية، صدرت لها ترجمات "أناس مستقلون" و "وجوه في الزحام" صادرين عن دار المدى، و"مذكرات فانتي" و"ذاكرة الرحيل" صادرين عن دار أثر .
وعبد الرزاق قرنح (1948) روائي وأكاديمي تنزاني من أصول يمنية، يقيم في المملكة المتحدة ويحمل الجنسية البريطانية. حازَ على جائزة نوبل للأدب عام 2021، نال قرنح شهادة الدكتوراة من جامعة كِنت عام 1982 ، ويعملُ الآن أستاذا ومديرا للدراسات العليا في جامعة كِنت في قسم اللغة الإنكليزية، من أعماله: ذاكرة الرحيل، ما بعد الموت، طريق الحجيج، دوتّي، الجنّة، صمتٌ مدهش، قلب الحصى، الهِبة الأخيرة، عبر البحر، هَجْر.
إضافة إلى العديد من القصص القصيرة والمقالات.