"اسمى وصفتى وحالى مسروق بن مسروق..أنتمى إلى أعرق عائلات مصر وأكثرها ثباتًا على الحال، فأبى وجدى وجدود جدى كلهم مسروقون..أروى لكم وقائع يومياتى التى أعيشها حاملًا خبرة مئات السنين من صبر مسروق على ما يراه مكتوبا"، هكذا يحكى الكاتب محمد منير، فى كتابه الصادر عن بيت الياسمين للنشر و التوزيع، عن "مسروق" بطل الكتاب الذى يجسد الفقر والقهر والظلم الذى يعانى منه الشعب المصرى بكل أطيافه، فى الفترتين ما قبل ثورة 25 يناير وما بعدها خاصةً فترة حكم الإخوان المسلمين، التى يرى "منير" أنها لا تختلف كثيراً عن فترة حكم الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، فلا شئ تغير تغييراً حقيقياً، فالوجوه وإن تغيرت فسياستها المستبدة والسارقة واحدة.
وحسب بطل الكتاب "مسروق"، فإن أفضل ما يمكن أن يؤمن به المواطن "الغلبان" فى المجتمع المصرى الذى نعيشه، فهى جملة "قضا أحسن من قضا"، التى يستعين بها فى مواجهة ما يلاقيه من ظلم وفقر وضياع حقه فى الحياة، وذلك ليس لسبب إلا لأنه "مسروق" فالحكمة التى قالها له جده على سرير موته "عش واعمل باجتهاد وكأنك مش مسروق.. واعلم أنك فى النهاية حتما مسروق مسروق مسروق".
ونفس الجد الذى يقول بطل الكتاب عنه "كان فيلسوفا الله يرحمه ويبشبش الطوبة اللى تحت راسه ويصبر دود القبر عليه فقد كان نحيفاً"، فله مقولة حكيمة تقول "النضال من أجل الدفاع عن حق الآخر يساعدك على تحمل الظلم الواقع عليك".
ومن ضمن الأحداث ما يتعرض له "مسروق" فى حياته اليومية البائسة، موقف استدعاء ناظرة مدرسة ابنته الصغيرة القزعة له، وعندما ذهب وجد ابنته واقفة على الناظرة ومعها ثلاثة بنات و كلهم "منكوشات الشعر"، واشتكت الناظرة له أن ابنته ضربت زميلتها وألقتها من الدور الثالث، ليفاجأ "مسروق" بهذا الأمر خاصةً أن الفتاة المضروبة "وزنها 3 قناطير وملهاش رقبة وقاعدة على 4 كراسى"، والأمر الأكثر مفاجأة له هو التهديد الذى تعرض له إما فصل ابنته عن التعليم أو التبرع بـ 1000 جنيه، أو العمل بموجبهم إذا لم يكن يملك نقوداً.
هذا الموقف دفع "مسروق" إلى التأكد من أن فكرة "مجانية التعليم"، ماهى إلا أكذوبة أطلقها المسئولون، ففى الوقت الذى لا يدفع فيه ولى الأمر أموالا سوى قليل، تطبيقاً لمبدأ المجانية التى تفتخر به وزارة التربية والتعليم، فإن الأموال تستنزف بطريقة أخرى ليس لها أية علاقة بالتعليم، مما يجعلنا نسلم بالأمر الواقع مثل مسروق وآبائه وجدوده، ويجعلنا نقول "قضا أحسن من قضا".
كثيرة هى المشكلات التى يناقشها "منير" فى كتابه تحيط بكل ما يلاقيه الإنسان البسيط، كما أن الروح الساخرة حتى من الذات أضفت على الكتاب روحا مرحة رغم المعاناة التى نعيشها نحن الذين نشبه "مسروق" تماما.