تعتبر مدينة البتراء إحدى أشهر مدن الشرق الأوسط المفقودة التي أذهلت علماء الآثار لعقود حيث كانت ذات يوم مركز العالم ومركزًا للسياسة والثقافة والتمويل وعندما كان طريق الحرير الممر الذي يربط بين العالمين الشرقي والغربي في مهده كانت البتراء بمثابة محطة توقف للتجار والمسافرين الذين يشقون طريقهم على طول الشبكات التي لا تعد ولا تحصى.
وقد أسسها الأنباط وهم شعب عربي قديم عاش في ما يعرف اليوم بجنوب غرب الأردن، وقد جمعوا كميات هائلة من الثروة الأمر الذي أثار غيرة الإمبراطوريتين اليونانية والرومانية المجاورة.
وبينما فشل الإغريق في محاولتهم حصار المدينة عام 312 قبل الميلاد ، نجح الرومان في السيطرة على البتراء عام 106 بعد الميلاد وتم ضمها وتغييراسمها إلى العربية البتراء، وحكم الرومان المدينة لمدة 250 عامًا.
ولكن في القرن الرابع الميلادي ضرب زلزال غريب المدينة بالأرض وسرعان ما كان هو المسمار في نعش البتراء كمدينة حديثة.
حاولت الإمبراطورية البيزنطية إنعاش البتراء وأقامت حفنة من الكنائس في حدود المدينة ، لكن لم ينقذها شيء وسرعان ما أصبحت القصور الحجرية العظيمة المنحوتة في الوديان ملاجئ للرعاة المتجولين.
في حين أنه من غير الواضح ما إذا كان الزلزال قد تسبب على وجه التحديد في زوال البتراء ، يعتقد عالم الآثار الدكتور توم باراديس أن بعض "أشكال كارثة وقوع الزلزل" أدت إلى سقوطها ومنها التعرض لفيضان هائل عقب الزلزال.
وتحدث الباحث الذي عمل في البتراء لسنوات عديدة خلال الفيلم الوثائقي لقناة سميثسونيان بعنوان "أسرار: لغز البتراء" قائلا أنه وفريقه قاموا بمسح المدينة بأكملها بحثًا عن أدلة وربما علامات على الانهيارات التي وقعت جراء الفيضان.
وأضاف: كان الأنباط على دراية باحتمالات حدوث مثل هذه الكوارث ولذلك أنشأوا سلسلة من الأنفاق والفروع للتحكم في المياه السطحية الزائدة لكن هذا لم يمنع وقوع الكارثة".