اختلف العلماء في السنة التي فرض فيها الحج، فقيل في سنة خمس، وقيل: في سنة ست، وقيل: في سنة تسع، وقيل: في سنة عشر، وأقربها إلى الصواب القولان الأخيران، وهو أن الحج فرض في سنة تسع أو سنة عشر.
اختلف في اسم أول أمير أرسل إلى الحج في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال البعض إنه عتاب بن أسيد، الذي تولى المهمة في عام الفتح الثامن للهجرة لأنه كان أمير مكة حينها، لكن دحض البعض من علماء المسلمين المعلومة بإيراد أدلة أن الحج في الإسلام فرض في السنة التاسعة للهجرة، مشيرين إلى تعيين أبي بكر الصديق أميراً للحج.
وبحسب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، إن رسول "صلى الله عليه وسلم" أمر بفرض أول حجة على المسلمين العام التاسع من الهجرة، كما أيد ذلك جموع العلماء وأعطى الرسول إمارة الحجاج لأبي بكر الصديق رضي الله عنه..
وأضافت اللجنة، أنه عندما هل ميقات الحج في السنة التاسعة من الهجرة بعث رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أبا بكر أميرًا للحج على رأس ثلاثمائة من المسلمين ليقيم لهم حجهم؛ وليؤدوا الفريضة كما نزل بها القرآن الكريم، ولعل هذه كانت أول حجة للمسلمين في الإسلام.
وبعد سفر أبي بكر مع الصحابة نزلت سورة "براءة" على رسول الله "صلى الله عليه وسلم" في نقض ما بين رسول الله والمشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينهم وبينه: ألا يصد عن البيت أحدًا جاءه، ولا يخاف أحد في الشهر الحرام، وكان ذلك عهدًا عامًا بين الرسول والمشركين.
فدعا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" علي بن أبي طالب وقال له: أخرج بهذه القصة من صدر "براءة" وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى ـ أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله "صلى الله عليه وسلم" عهد فهو غلي مدته.
فدعا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" علي بن أبي طالب وقال له: أخرج بهذه القصة من صدر "براءة" وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى ـ أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله "صلى الله عليه وسلم" عهد فهو غلي مدته
بينما قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم ترك معاذ بن جبل بمكة يفقه أهلها واستعمل عتاباً بعد عوده من حصن الطائف. ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استعمله على مكة قال له: "يا عتاب، تدري على من استعملتك؟ استعملتك على أهل الله عز وجل، ولو أعلم لهم خيراً منك استعملته عليهم".
كان عمر عتاب حين استعمله الرسول صلى الله عليه وسلم بضع وعشرين سنة، وخرج بالناس إلى الحج، وقيل إنه حج بالناس بغير تأمير من النبي صلى الله عليه وسلم له على الحج، ولكنه كان أمير مكة حينها، وفي هذا العام حج المشركون مع المسلمين، ويقول الذهبي في "سير أعلام النبلاء" أن عتاب حج بالناس في هذه السنة على ما كانت العرب تحج عليه، إذ لم يكن الحج قد فرض على المسلمين بعد، حتى جاء أبي بكر في العام التالي ليحج بالمسلمين.
ويروي ابن حجر كيف كان عتاب بن أسيد شديدًا في الحق، فيروي عن أنس أن النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم استعمل عَتّاب بن أَسيد على مكة، وكان شديدًا على المريب، لَيّنًا على المؤمنين، وكان يقول: والله لا أعلم متخلِّفًا عن هذه الصلاة في جماعة إلا ضربتُ عنقه، فإنه لا يتخلف عنها إلا منافق. فقال أهل مكة: يا رسول الله، استعملتَ على أهل الله أعرابيًا جافيًا. فقال: "إِنِّي رَأَيْتُ فِيما يَرَى النَّائِمُ أَنَّه أتَى بابَ الجَنَّةِ فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ الْبَابِ فَقَعْقَها حَتَّى فُتِحَ لَهُ، وَدَخَلَ".