تمر اليوم الذكرى الـ117 على رحيل الإمام محمد عبده، وهو مفكر وعالم دين وفقيه وقاضٍ وكاتب ومجدد إسلامى مصرى، يعد أحد دعاة النهضة والإصلاح فى العالم العربي والإسلامي ورموز التجديد فى الفقه الإسلامي، إذ رحل فى 11 يوليو عام 1905 عن عمر يناهز 56 عاما.
اشترك فى ثورة أحمد عرابي ضد الإنجليز، رغم أنه وقف منها موقف المتشكك فى البداية لأنه كان صاحب توجه إصلاحى يرفض التصادم، إلا أنه شارك فيها فى نهاية الأمر، وبعد فشل الثورة حكم عليه بالسجن ثم بالنفى.
وبحسب كتاب "أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث" تأليف أحمد تيمور باشا، فإنه عندما هبت أعاصير الثورة العرابية، ولما رآها الإمام محمد عبده قائمة لنصرة أغراض هي مبادئه ومبادئ أستاذه (جمال الدين الأفغانى) اتصل بها، وألقى في نارها حطبًا، وقد حُوكم مع زعمائها، وحكم عليه بالنفي ثلاث سنين وثلاثة أشهر، فسافر رحمه الله إلى سورية في حدود سنة 1299هـ/1883م وأقام فيها سنة، وسافر إلى أوروبا على موعد بينه وبين أستاذه وصديقه السيد جمال الدين، فأقام فيها عشرة أشهر معظمها فى باريس، وهناك أصدرا معا جريدة «العروة الوثقى» التي كان السيد الأفغاني مدير سياستها والشيخ محمد عبده محررها الأول.
وكونا جمعية من مسلمي الهند ومصر والمغرب وسورية، غرضها السعي لجمع كلمة المسلمين، وإيقاظُهم من رقادهم، وإعلامهم بالأخطاء المحدقة بهم وإرشادهم إلى طريق مقاومتها، إلا أنه في آخر سنة 1301هـ/1884م احتجبت الجريدة بعد ثمانية أشهر لقيتْ فيها كل مصادرة فى الهند ومصر، وأخفق حلم السيد جمال الدين الأفغاني بإنشاء دولة إسلامية تنهض بالشرق نهوضًا يُزاحم الغربَ بالمناكب ويحدُّ من عدوانه.
ثم سافر الإمام إلى تونس فأقام فيها أياما، وسافر إلى بلاد أخرى متنكرا لتوثيق عقود العروة الوثقى السرية، وألقى عصا السير بعد ذلك إلى بيروت، فأقبل عليه أهل العلم والفضل من جميع الملل والطوائف، وكانت داره مدرسة يؤمها الأذكياء وعشاق المعارف والآداب، وقد وصلته روابط ود بمحيي الدين بك حمادة فتزوج بنت أخي هذا الصديق بعد وفاة زوجته الأولى.
وفي أوائل سنة 1303هـ/1885م دعى للتدريس فى المدرسة السلطانية لإحياء اللغة والدين فيها، وكان يشتغل مع التدريس بالتأليف والكتابة، وقد ألَّف «رسالة التوحيد» هناك، ونقل إلى العربية رسالة «الرد على الدهريين» التي كتبها السيدُ جمال الدين باللغة الفارسية، وشرح كتاب «نهج البلاغة» و«مقامات بديع الزمان الهمذاني».
وعاد الإمام في سنة 1306هـ/1888م من منفاه، ولكن الخديو توفيق خشي أن يربيَ له تلاميذ على أفكاره ومنازعه، فلم يرضَ بتعيينه معلِّمًا كما كان يشتهي، بل عيَّنه قاضيًا بمحكمة بنها الأهلية، ومنها انتقل إلى محكمة الزقازيق فمحكمة عابدين.