أثارت إحدى الصفحات المجهولة المنسوبة للكاتب الصحفي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل، جدلاً كبيرًا على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، حيث ادعت أن "هيكل" أجبر الأديب العالمى نجيب محفوظ، على كتابة رواية "أولاد حارتنا"، واصفة موقف "محفوظ" بأنه لم يستطع مواجهة رفض الأزهر للرواية بينما واجهها هيكل بمفرده، بحسب وصف الصفحة.
وحول ما تلك الأكاذيب التي تناولته الصفحة، قال الناقد الكبير الدكتور حسين حمودة، أستاذ النقد الأدبي بجامعة القاهرة، ورئيس تحرير مجلة فصول: إن الكلام عن أن (الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل أجبر الأديب نجيب محفوظ على كتابة رواية "أولاد حارتنا" لينشرها بجريدة "الأهرام") مجرد كلام مرسل، كما يقال، لا يستحق التوقف عنده كثيرا، وربما لا يستحق عناء نشره ولا عناء قراءة الرد عليه!
وأضاف "حمودة" في تصريحات خاصة لـ"انفراد" وفيما يخص ما يتعلق بنجيب محفوظ من هذا الكلام الذي لا أعرف ما هو مصدره.. فنجيب محفوظ، مع هذه الرواية، ومع غيرها في كل عمل من أعماله، لم يكتب مجبرًا من قبل أي أحد، وإنما كان يكتب مدفوعًا بما يريد أن يكتبه وأن يقوله وأن يصوغه على المستوى الجمالي، وهذا التصور عن الدفع به لكتابة "أولاد حارتنا" ضد طريقة نجيب محفوظ ومنهجه في الإبداع ابتداء.. هو صاحب رؤية وتصور، وصاحب تجربة إبداعية تنتمي لمشروع كبير قام على نوع من التطور والتسلسل، ابتداء من أعماله الأولى ثم خلال "المراحل" المتعددة التي مر بها وحتى آخر ما كتب.
وتابع الدكتور حسين حمودة، بالتالي فكل عمل كتبه ينتمي موقعه في مسيرة محفوظ، أي إلى حلقة من حلقات تنامي تجربته بوجه عام.. وموقع "أولاد حارتنا"، تبعًا لهذا التنامي، يأتي بعد رواياته التي سماها بعض النقاد بـ "الواقعية"، وبعد توقفه عن الكتابة ليبلور وجهة نظر فيما أحدثته "ثورة يوليو" من تغييرات في المجتمع، وهذه الرواية تمثل محطة من محطات تأمله لقضايا تتجاوز الاهتمام بفترة بعينها من فترات التاريخ المصري الحديث، أي تنتمي إلى رؤيته للقضايا العابرة للأزمنة.. هكذا كانت اختياراته.. وهذا كله لا يمكن أن يتم وهو "مجبر على هذا التأمل ولا على هذه الرؤية ولا على هذه الاختيارات.
وأتم "حمودة": باختصار.. مثل هذا الكلام المرسل يتنافي وطبيعة إبداع محفوظ، بل ويتنافي وطبيعة الإبداع الحقيقي بوجه عام.