تمر اليوم الذكرى الـ168 لتسلم سعيد باشا حكم مصر خلفًا لابن أخيه عباس حلمي الذي اغتيل في 13 يوليو، وهو والي مصر من سلالة الأسرة العلوية، تولى الحكم من 24 يوليو 1854 إلى 18 يناير 1863 تحت حكم الدولة العثمانية. كان الابن الرابع لمحمد علي. تلقى تعليمه في باريس وكان ذا نزعة غربية.
وبحسب موقع فاروق الأول، كانت أخلاق سعيد باشا طيبة القلب والميل إلى الخير باشا، إلا أنه إلى جانب الصفات السابقة كان ضعيف الإرادة وكثير التردد، لا يستقر على رأى واحد، ومن هنا جاء تخبطه فى الخطط والبرامج والأعمال، إضافة إلى انصياعه إلى خلطائه من الأوربيين وكان إسرافه هو نقطة الضعف الأساسية فيه، وقد إلتجأ إلى الاستدانة من البيوت المالية الأوروبية، وقد كان حسن الظن بالأوروبيين، وخاصة الفرنسيين مما جعل المسيو فردينان دلسبس يؤثر عليه تأثيرا كبيرا، وقد أدى هذا كله إلى أن يصبح للأجانب اليد العليا فى مرافق البلاد، ويسيطرون على الحكومه وسيادتها.
ومن جانب آخر بذل سعيد باشا جهودا كبيره فى إصلاح حالة الفلاحين، فأعطاهم حق الملكية للأراضى الزراعية، وسن لهذا الغرض قانونه المشهور باللائحة السعيدية الصادرة فى 5 اغسطس سنة 1858، وهى تعتبر من أعظم إصلاحاته، لأنها أساس التشريع الخاص بملكية الأطيان فى القطر المصرى.
كما ألغى سعيد باشا نظام احتكار الحاصلات الزراعية، وذلك النظام كان معمولا به فى عهد والده محمد على باشا، وامتد إلى عهد عباس حلمى الأول، وصار للفلاح حرية التصرف فى محاصيله الزراعية وكذلك له الحرية فى اختيار المحاصيل التى يرغب فى زراعتها، كما خفف عن الأهالي عبء الضرائب، بالإضافة إلى تجاوزه عن كافة المتأخرات التى عليهم نتيجة تراكمات عن سنوات سابقة، وقد كانت مبلغا كبيرا من المال فى ذلك الوقت (800.000 جنيه).
كما سن سعيد باشا لائحة المعاشات للموظفين المتقاعدين والذين بلغوا سن المعاش، وهو الأساس الذى بنى عليه نظام المعاشات المتبع فى مصر حاليا لموظفى الحكومة، ومن جانب آخر لم يهتم سعيد باشا بالتعليم أو بالحياة العلمية، بل استمر الجمود الذى أصابها فى عهد الخديوى عباس، ويعتبر إهمال سعيد للتعليم من أهم نقاط الضعف أثناء فترة حكمة.
وذكر المسيو (مريو) فى كتابه (مصر الحديثة) "لا يخفى أن المدارس قد أهملها عباس، فأصابها الاضمحلال والتدهور، وبلغت حين تولى سعيد الحكم درجه من التقهقر والفوضى جعل الباشا يرى من الحكمة إقفالها نهائيا، بدلا من السعي فى تنظيمها، اذ كان السعى عبثا لايجدى".
ومن أكثر الأمور المرتبطة بسعيد باشا البدء فى حفر قناة السويس، وكانت بداية الفكره حينما أرسل المسيو فردينان دلسبس رساله يهنئ فيها سعيد باشا بارتقاء عرش مصر، ويبلغه عن حضوره ليقدم له فروض التهانى، (فقد كان والد دلسبس الكونت ماتيو دلسبس" تربطه صله قديمة بمحمد على باشا منذ أن كان قنصلا لفرنسا فى مصر فأجابه سعيد على تهنئته، واستدعاه إلى مصر، فسرعان ما جاء الى الإسكندرية فى نوفمبر سنة 1854، واستقبله سعيد باشا بحفاوه بالغة، فأغتنم دلسبس هذه الفرصه ليفاتح سعيد باشا فى مشروع قناة السويس، وزين له أنه إذا وفق فى هذا المشروع فإنه سيخلد ذكراه ويكسب ثناء العالم بأسره، وكان سعيد باشا يعلم أن والده محمد على باشا قد رفض فكرة قناة السويس من قبل، إلا أنه قبل المشروع أمام إغراءات دلسبس ووعده بمساعدته وتأييده فى تحقيقه.