تمراليوم الذكرى الـ 168، على ميلاد جورج برنارد شو، مؤلف أيرلندي شهير، يعد أحد أشهر الكتاب المسرحيين في العالم، وهو الوحيد الذي حاز على جائزة نوبل في الأدب للعام 1925 وجائزة الأوسكار لأحسن سيناريو (عن سيناريو بيجماليون) في العام 1938، وألّف ما يزيد عن ستين مسرحية خلال سنين مهنته، أعماله تحتوي على جرعة كوميديا.
أول نجاحاته كانت في النقد الموسيقي والأدبي، ولكنه انتقل إلى المسرح، وألف ما يزيد عن ستين مسرحية خلال سنين مهنته. أعماله تحتوي على جرعة كوميديا، لكن تقريباً كلها تحمل رسائل اتهامات أمِل برنارد شو أن يحتضنها جمهوره.
ووفقا كتاب "جورج برنارد شو" عباس العقاد، فأنه قد تقرر في سنة من السنين الدراسية (1927–1928) تدريس روايته "جان دارك" في الجامعة المصرية، فأثار القرار اعتراضا شديدا ممن سمعوا الرواية ولم يطلعوا عليها؛ لأن النبي عليه السلام يذكر فيها باسم راعي الإبل.
وصلت الحملة على الرواية إلى مجلس النواب، وتصدى أربعة من النواب لاستجواب الحكومة في هذه المسألة، وكان كاتب هذه السطور عضوًا فيه فاشتركتُ في المناقشة لبيان الحقيقة، وذكرت المجلس بموقف الرجل في قضية دنشواي، وقلتُ إن العبارة المشار إليها قد وردت على لسان شخص من شخوص الرواية لا على لسان المؤلف، وإن المؤلف وضع على لسان شخص آخر رده المفحم عليها، فقال إن أتباع محمد عليه السلام أوفر أدبًا من هذا في كلامهم عن السيد المسيح، وإنهم يوقرون الحواريين، ولا يقولون عن واحد منهم إنه "صياد أسماك".
ونمى الخبر في أثناء ذلك إلى برنارد شو، فقال لمندوب صحيفة "نيوز كرونيكل" الذي قصد إليه لمحادثته في شأنه: "إن ما جاء في الرواية لم يكن رأيي أنا، بل هو رأي الكنيسة في القرون الوسطى".
وكان ناقلو الخبر قد أساءوا نقله، وأفهموا الكاتب أن الاعتراض على الرواية قد جاء من قِبَل الأساتذة والطلبة، فقال: "إن الطلبة المصريين فاتهم على ما يظهر أن العبارة التي لم ترقهم لم تصدر مني، وإنما صدرت من كوشون الذي عاش في القرن الخامس عشر، وإنني أفهم أن تسيء هذه العبارة وأمثالها إلى جماعة من الأميين، بَيْدَ أنني لا أدري كيف يأتي سوء الفهم من هيئة علمية كالجامعة المصرية، ألم يستطع أولئك الجامعيون أن يروا ما في المقارنة من المدح والثناء على النبي؟، ولماذا لم يقرءوا ما قال إيرل وأرديك من الإشادة بالإسلام على حساب المسيحية؟".
ثم ختم الحديث بشطحة من شطحاته فقال: "إن آخِر كلمة أقولها في هذه القصة: إن الأساتذة يستحقون العزل العاجل جزاءً لهم، أما الطلبة فقد يستحقون الصفح والإغضاء"، وعزاء الأساتذة الذين عناهم شو أن العقوبة التي اختارها لهم أخف عقوباته لمَن يتهمهم بالجمود والتضييق على الحرية الفكرية، فهي رحمة وغفران منه حيث لا يقبل الرحمة والغفران.