لم يكن أنسى الحاج الذى تحل اليوم ذكرى ميلاده شاعرا عاديا، بل كان رائدا من رواد التجديد فقد ساهم عام 1957 مع يوسف الخال وأدونيس في تأسيس مجلة شعر وفى عام 1960 أصدر في منشوراتها ديوانه الأول "لن"، وهو أول مجموعة قصائد نثر باللغة العربية،
لكن ماذا عن غراميات أنسى الحاج لننظر أولا إلى ما قاله فى هذا الباب :"تتعدّد غراميّات الرجل لأنّه كلّما امتلكَ امرأةً كَشَف سرّها، فيعاود البحث عن امرأةٍ ذات سرّ. كلّ امرأةٍ سرّ. المرأةُ الكلّ هي التي يظلّ الرجل يتخيّل أنّ سرّها يستعصي على الكشف".
إذن فأنسى الحاج يرى فى الغرام سر المرأة، وهو فى كل الأحوال يرى أن سر المرأة هو أساس غرامها إذ الرجل يسعى للكشف وتظل هي محتفظة بالسر قابضة عليه كالجمر.
ومن الشعر إلى الحياة الواقعية فقد كشفت الروائية السورية غادة السمان رسائل حب كانت قد كتبها لها الشاعر أنسى الحاج فى العام 1963 ونشرت ذلك فى كتاب عنوانه "رسائل أنسى الحاج إلى غادة السمان".
وقد كشفت غادة السمان عن قصة حب جمعتها بالشاعر أنسي الحاج، الذي توفي عام 2014 وكان الحاج حينها في السادسة والعشرين من عمره، في وقتٍ لم تتعد فيه غادة السمان العشرين من عمرها وتتهيأ لدخول الجامعة الأمريكية في بيروت لدراسة الأدب وقد فاجأ الكتاب الساحة الثقافية، خاصةً أن أنسي الحاج لم يذكر على الإطلاق أي قصة جمعته بها.
وقد ذكرت غادة السمان في كتابها أنها لم ترد على أي من رسائل أنسي الحاج، وقالت "لم أكتب لأنسي أي رسالة، فقد كنا نلتقي كل يوم تقريبًا في مقهى هورس شو في الحمرا أو مقهى الدولتشي فيتا والديبلومات في الروشة أو مقهى الأنكل سام، وهذه المقاهي انقرضت اليوم، لم أكتب لأنسى لكننى عجزت عن تمزيق هذه الرسائل الرائعة أدبيا وأيا كان الثمن".
يقول أنسى الحاج فى رسالة من رسائله:"إن لجوئى إليك ليس لجوء إنشان إلى شيء بل لجوء إنسان إلى إنسان آخر، إنه رغبة فى الارتباط، وإن كنت أريد أن أتخطى وضعى فيك فإننى أيضا أريدك أن تتخطى وضعك فى، ليس مثلى من يدرك معنى الكلمات يا غادة، معناها الحقيقى، الثقيل، الملزم، والمحرر أيضا، ليس مثلى من يدرك معنى صرخة: أحبك".