يصدر قريبًا كتاب نشيج الدودوك للروائى الفائز بجائزة البوكر العربية عام 2021 جلال برجس عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وفيه يسرد الكاتب مقاطع من سيرته وأفكاره عن الكتابة، في كتابة تحمل اسما لافتا وهو نشيج الدودوك ، وكلمة الدودوك تعنى المزمار الأرمنى أما النشيج فهو درجة من درجات البكاء.
ومن الكتاب: الكتابة جسر عبور إلى ضفة آمنة توفرها لي المخيلة بسخاء استثنائي، رغم مهمته العظمى إلا أنه لُغّم ببارود ربما يشتعل في لحظة مفاجئة. جسر ما زلت أؤمن أنه سيحقق لي الهروب من وحوش كاسرة أحس بها تعدو ورائي، وتكاد مخالبها تنهش ظهري. هروب من الزيغ الجواني، ومن ذرات الحزن التي مع الزمن صارت طبقة سميكة تربض على صدري بعدائية مفرطة، وتحولني إلى كائن مزاجي متقلب لا يطاق.
لا أشعر بتلك المتعة التي يتحدث عنها البعض على نحو رومنسي أثناء الكتابة؛ الأمر بالنسبة لي اقتلاع الشوك من جهة قصية في لحم روحي التي ما تزال تفتش عن غصن في شجرة لا ريح قبالتها لتحط عليه.
أكتب لأهرب، وأحيانًا أشعر أني أعدو إلى الكتابة بحثًا عن أسلحة لم توجد بعد لأهزم تلك الوحوش، وأفتت طبقة الحزن، وأدحر عني زيغي الجواني.
الكتابة فعل يصيبني بحالة من الوقوف في منطقة وسطى بين أقاصي الوجع وبين ذروة تحمُّله. إنها تصيبني بتعرق، وعطش، وحمى، وهذيان، وسهولة غريبة في البكاء. لكني أحبها".