يرصد بسماء مصر والوطن العربي اصطفاف كوكب الزهرة مع ألمع نجمين في كوكبة التوأمين قبل شروق الشمس غدا الأربعاء 10 أغسطس 2022، وكذلك في اليوم التالي الخميس في ظاهرة مشاهدة بالعين المجردة، وكشفت الجمعية الفلكية بجدة فى تقرير لها، أنه عند النظر نحو الأفق الشرقي سيلاحظ أن كوكب الزهرة يتألق بشكل ساطع أسفل يمين النجم رأس التوأم المؤخر (بولوكس)، أحد النجمين الساطعين في كوكبة التوأمان، أما النجم الآخر هو رأس التوأم المقدم (كاستور).
عرف البشر الزهرة منذ عصور ما قبل التاريخ، بما أنه واحد من أكثر النجوم لمعاناً في السماء واكتسب رسوخًا في الثقافة الإنسانية. وقد وصف في نصوص الكتابة المسمارية البابلية في جدول الزهر لأنو وأنليل وتصل تاريخ تلك الملاحظات إلى ما قبل سنة 1600 قبل الميلاد. وقد سمى البابليون هذا الكوكب باسم عشتار وهي تمثل الأنوثة وإلهة الحب عندهم.
اعتقد المصريون القدماء بأن الزهرة هو جرمين منفصلين وقد دعو نجمة الصباح باسم "تيوموتيري" ونجمة المساء باسم "كويتي" وكذلك اعتقد الإغريق بحيث دعوا نجمة الصباح باسم فوسفوروس، ونجمة المساء باسم "هيسبورو" أدرك الإغريق في العصر الهلنستي أن كلا الجرمين هما جرم واحد، وقد دعوه فيما بعد باسم إلهة الحب "أفروديت" ومن ثم دعى الرومان هذا الكوكب باسم "فينوس" وهو اسم إلهة الحب عند الرومان.
وبحسب كتاب "الأسطورة والتراث" للدكتور سيد القمنى، فى مدينة الوركاء السومرية نشأت عبادة كوكب الزهرة ونمت، إذ أطلق عليها اللسان السومرى "إينانا" الذى يعنى "سيدة السماء"، ففى اللسان السومرى "إن" تعنى سيدة، و"آن" تعنى السماء، وبدخول الساميين إلى الرافديين وتأسيس الدولة الأكادية تحول اسمها من "إينانا" إلى "عشتار".
ومما لا شك فيه أن عبادة "الربة الأم" من أقدم العبادات؛ لأن عملية التوالد العجيبة — فى نظر الإنسان القديم — كانت من خصائص المرأة وحدها. ولما كان التناسل من الأسرار الغريبة؛ فقد شخص هذه الإلهة فى البداية بتربة الأرض؛ نظرًا لأن إخصاب التربة ليس سوى نوع من الميلاد المتجدد للمحصول، ولتفسير دورة الحياة النباتية ما بين الخصب والجدب حسب التنوع الفصلي، فقد خطت يد الإنسان أول ملحمة فى التاريخ عن إلهة الخصب، هى الملحمة السومرية "هبوط إينانا إلى العالم السفلي" التى أعاد البابليون صياغتها فى ملحمة "هبوط عشتار إلى العالم الأسفل".
مع بدء "الآشوريين" على صفحة التاريخ، وتكون الدولة الإمبراطورية الآشورية، لم تَعُد الزهرة ربة اللذة والحب الشهوانى فقط، وإنما أصبحت أيضًا ربة حرب هلوك، إذا ما أخذنا بالحسبان طبيعة الشعب الآشورى الدموى وهو شعب محارب بفطرته، لم يشهد العالم القديم مثيلًا له فى البشاعة والقسوة.