عمر مكرم زعيم مصرى قاوم الفرنسيين فى ثورة القاهرة الثانية سنة 1800، وكان له دور فى تولية محمد على شئون البلاد، حيث قام هو وكبار رجال الدين المسلمين بخلع خورشيد باشا فى مايو سنة 1805م.
وخلال مشوار الزعيم عمر مكرم الثورى شهد الزعيم الراحل العديد من حالات النفى والإبعاد، وأيضا الهروب من بطش الحملة الفرنسية أو الحاكم العثمانى، لكنه أبدا لم يتأخر عن نداء الوطن، فبحسب كتاب "المقاومة الحضارية: دراسة فى عوامل البعث فى قرون الانحدار" للكاتب هانى محمود، إن الخروج الأول لعمر مكرم كان إلى مدينة العريش بعد دخول الحملة الفرنسية عام 1213هـ، ثم كانت الثانية إلى يافا واستمر بها حتى قدوم الحملة الفرنسية إلى المدينة الفرنسية فعاد بعدها إلى مصر.
مرة ثالثة يخرج عمر مكرم من القاهرة بعد مقتل الجنرال كليبر، ولم يعد إليها مع خروج الحملة ومجىء الجيشين العثمانى والإنجليزى، فعاد نقيبا للأشراف كما كان، وبعدما قاد ثورة المصريين ضد خورشيد باشا، التى جاءت بمحمد على باشا إلى سدة الحكم، أبعده الوالى العثمانى إلى دمياط عام 1222هـ، خوفا من نفوذه الشعبى لدى المصريين، وأقام هناك أربعة أعوام ونقل إلى طنطا عام 1227هـ، أقام فيها إلى سنة 1234هـ، إلى أن طلب من محمد على الإذن للخروج للحج، ورجع بعدها إلى القاهرة، فلما نشبت فتنة خشى محمد على من عمر مكرم أن يكون له يد فيها فأمره بالانصراف إلى طنطا سنة 1237هـ، ولبث فيها إلى أن توفى.
وقاد عمر مكرم كذلك المصريون بكل طوائفهم من علماء ووجهاء وصناعية وفلاحين الثورة ضد خورشيد باشا الذى كان عليه أن يتحصن فى القلعة خوفا يتصدر الشعب المواجهة مما أفزع جنود خورشيد باشا نفسه وكل العثمانيين وطالب أبناء الشعب بجلاء كل القوات العثمانية المحتلة للبلاد مما جعل السلطان العثمانى فى إسطنبول يتخوف، ويعجل بعزل خورشيد باشا والإقرار بمن اختاره الشعب المصرى لحكمه، وهو محمد على باشا.
أبناء الشعب من الثوار دخلوا فى نقاش واختلاف مع العلماء والوجهاء كعمر مكرم وشيخ الأزهر، مطالبين برحيل المستعمر العثمانى التركى من البلاد كافة ،إلا إن العلماء طالبوا بالكف عن القتال مادامت تحققت مطالب الثورة فى عزل خورشيد باشا، وتولية من اختاره الشعب وهو محمد على باشا حيث إنه لأول مرة يختار الشعب المصرى من يحكمه فى التاريخ صارت الثورة المصرية محل خلاف فالمؤرخ الجبرتى اختار يوم 18 يونية 1805م وهو تاريخ اختيار الفرمان العثمانى للتعين لمحمد على باشا، إلا إن بعض المؤرخين يؤكدون أن اختيار العلماء تم قبلها فى الثانى عشر والثالث عشر من شهر يونية وعلى أقل تقدير 17 يونية، حيث نشبت الثورة ضد خورشيد باشا والمستعمر التركى عدة شهور حتى تحققت بالنجاح فى شهر يونية.
وتذكر المصادر أيضًا أنه حينما استقرت الأمور لمحمد على خاف من نفوذ العلماء فنفى عمر مكرم إلى دمياط سنة 1222هـ، وأقام بها أربعة أعوام، ثم نفاه إلى طنطا وتوفى فى سنة 1237هــ/1822م، وكانت لعمر مكرم مواقف صلبة فى مواجهة ظلم الولاة المماليك الذين عاصرهم من حكام مصر مثل: إبراهيم بيك، ومراد بيك، وأحمد خورشيد.
وحسبما يروى المؤرخ عبد الرحمن الرافعى، فأنه بعد أن عمر مكرم قضى فى دمياط نحو أربع سنوات، وبقى فى طنطا حتى ديسمبر من عام 1818، إذ طلب الإذن بتأدية فرضية الحج، وكان محمد على قد أحكم قبضته على السلطة و"بلغ قمة المجد بعد أن قهر الوهابيين فى الحجاز، فتذكر المنفى العظيم الذى كان له الفضل الأكبر فى إجلاسه على عرش مصر، وإذن له بالعودة إلى القاهرة وأن يقيم بداره إلى آوان الحج".
ومن القليل النادر الذى تذكره المصادر عن علاقة السيد عمر مكرم بالأوقاف ما يذكره الجبرتي، وهو مؤرخ معاصر له، من أنه دافع عن أراضى الأوقاف، واعترض على قيام الوالى محمد على باشا بفرض ضرائب باهظة عليها، فى حين أنها كانت معفاة منها قبل أن يصير واليًا على مصر، ورغم اعتراف محمد على بفضل عمر مكرم، إلا أنه لم يتحمل معارضته، فعزله من نقابة الأشراف، ونفاه إلى دمياط، ثم إلى طنطا حتى وفاته كما سلف القول.