يعتبر الشاعر صلاح عبد الصبور الذى تحل ذكرى رحيله الـ41 اليوم، إذ رحل فى 14 أغسطس عام 1981، وهو واحدا من الشعراء العرب القلائل الذين أضافوا مساهمة بارزة فى التأليف المسرحي، خاصة فى مسرحيته "مأساة الحلاج"، وفى التنظير للشعر الحر، وأحد أهم رواد حركة الشعر الحر العربى ومن رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربي.
تأثر عبد الصبور بالعديد من المصادر فى إبداعه، بداية من شعر الصعاليك إلى شعر الحكمة العربي، مروراً بسيَر وأفكار بعض أعلام الصوفيين العرب مثل الحلاج وبشر الحافي، الذين استخدمهما كأقنعة لأفكاره وتصوراته فى بعض القصائد والمسرحيات، واستفاد من منجزات الشعر الرمزى الفرنسى والألماني، والشعر الفلسفى الإنجليزي.
وفقا لدراسة للباحث مراد حسن عبد العال عباس، نشرت تحت عنوان "المؤثرات العربية والأجنبية في مسرح صلاح عبد الصبور"، فأن "مأساة الحلاج" رؤية وجودية لتجربة صوفية ويغلب على مسرحيته الثانية "مسافر الليل" محاولة التجريد العبثى والثالثة "ليلى و المجنون" ينطلق فيها في مجال الحب العذرى من خلال دراما ملحمية والرابعة "الأميرة تنتظر" يخوض فيها غمار الأدب الشعبي وخامسته "بعد أن يموت الملك" هي مزيج من العبث والأسطورة والحلم في شكل ملحمة كاملة .
ووفقا للدكتور ناصر أحمد سنه، في مقال سابق نشر بعنوان "المؤثرات الأجنبية في أعمال "صلاح عبد الصبور" المسرحية" احتل الشاعر والكاتب المسرحي الإنجليزي (توماس ستيرنز إليوت ت. س. إليوت) (1888م – 1965م) الحائز على جائزة نوبل في الآداب عام 1948م مكانة كبيرة ليس فقط في وجدان وفكر صلاح عبد الصبور، بل لدى كثير من الشعراء والأدباء العرب.
يقول عبد الصبور: "إن ظلال قراءاته الأولى تلاشت عن ذاكرته الجمالية، ولم تبق سوى ظلال إليوت العظيم"، ويكمن سر عظمته تلك أنه: "جمع بين الطابع الروحي السلبي لعالمنا المعاصر، وبين الطابع الروحي الإيجابي للعالم القديم، كان شاعراً شغوفاً بفكرة (الزمن – التاريخ - الموروث الأدبي)، فدمج الماضي والحاضر في رمزية تكشف عن قيم اجتماعية وإنسانية عميقة"، وفي هذا الدمج "حلٌّ للصراع بين القديم والحديث"، لذا فقد استعان به عبد الصبور لإعادة قراءة التراث والشعر العربي القديم بقدر أوسع مما فعله إليوت نفسه.
ويرى "سنه" أنه لعل انجذابه لطريقة إليوت يعود لتك "النزعة الصوفية التأملية ورنة الحزن العميق إلى جانب العمق الفلسفي، وإحكام الصنعة، وتجويد الأداء"، وبات هذا قاسماً مشتركاً في آثار عبد الصبور، يقول: "حين توقفت عند الشاعر ت. س. إليوت في مطلع شبابي لم تجذبني أفكاره أول الأمر بقدر ما استوقفتني جسارته اللغوية، فقد كنا نحن ناشئة الشعراء نحرص على أن تكون لغتنا منتقاة منضدة تخلو من أي كلمة فيها شبه العامية أو الاستعمال الدارج"، وقد حاول عبد الصبور أن يتجاسر بالخروج على القاموس الشعري العربي منذ ديوانه الأول "الناس في بلادي" (1956م)، وشهدت قصائده مثل "الحزن"، و"شنق زهران"، و"الملك لك"، والقصيدة التي تحمل اسم الديوان خروجاً على عمود اللغة الشعرية، وتناولت مواضيع من الحياة اليومية بلغة بسيطة متداولة.