تمر اليوم الذكرى الـ 82 على اغتيال المفكر الماركسى وأحد المنظرين للثورة البلشفية في روسيا، ليون تروتسكى، إذ رحل في 20 أغسطس عام 1940، بعدما تعرض للاغتيال على يد مناصريين للزعيم السوفيتى ستالين.
وتروتسكى ماركسي بارز وأحد زعماء ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917، ومؤسس المذهب التروتسكي الشيوعي بصفته إحدى فصائل الشيوعية الذي يدعو إلى الثورة العالمية الدائمة، وتسلم بعدها مفوضية الحرب، وهو أيضاً مؤسس الجيش الأحمر، وقوى من خلالها كيان الجيش الأحمر، عينه لينين مفوض العلاقات الخارجية عندما أسس حكومته البلشفية الأولى عام 1917، حيث يعتبره أفضل العقول في الحزب الشيوعي، وأقدر من لينين في بعض الأمور، فعملا جيداً مع بعضهما، وأعتقد أغلب الشعب الروسي أن تروتسكي سوف يخلف لينين في رئاسة الحزب ولكن ستالين كان ذا سلطة قوية أيضاً فانتصر في النهاية هازماً تروتسكي.
الخلاف الذى بدأ بعد وفاة لينين، بين تروتسكى وستالين، لم ينتهى بخروج "ليون" من الاتحاد السوفيتى، لكنه استمر لمدة عقدين، حاول خلالها ستالين الحد من من قوة وتأثير تروتسكى دون أن ينجح فقرر أن يتخلص منه، لكن ربما يتم النظر إلى اغتيال تروتسكى على انها عملية تصفية سياسية قام بها الزعيم السوفيتى ستالين للخلاص من عدوه الشيوعى، لكن الطريقة المأسوية التي انتهت بها حياة أحد زعماء ثورة أكتوبر في روسيا، والطريقة التي تم التخلص بها من حياته كأنها أحداث في فيلم سينمائى.
تقول الوثائق التي اجتمع حولها كثيرون، إن تروتسكي عاش في المكسيك، بسبب خلافته مع الزعيم السوفيتى ستالين، لكن يبدو أن الأخير لم يعجبه النشاط الثورى الذى يقوم به الأخير في البلد اللاتينى، وما تم تداوله حينها من محاولات تروسكى ما اسموه بـ "الثورة الأممية".
والحقيقة أن قبل اغتيال تروتسكى تعرض صديق ستالين الزعيم الأول للثورة البلشفية لعدة محاولات فاشلة للاغتيال، منها ما حدث في 24 مايو عام 1940، عندما قامت مجموعة من المخبرين الذين داهموا منزله في زي رجال شرطة مكسيكيين بقيادة فنان يدعى خوسيه ديفيد ألفارو سيكيروس من ذوي الميول الستالينية، أمطروا غرفة نومه بوابل من الرصاص لم يصب منها تروتسكي برصاصة واحدة!
الفشل في اغتيال تروتسكى بهذه الطريقة، جعل ستالين يفكر في وسيلة أخرى للتخلص من عدوه اللدود، حيث تم تكليف رامون مير كادر وهو شيوعي إسباني جُند في عام 1937 للقيام بها، إذ ذكرت صحيفة "غازيتا. رو" الروسية، أن مير كادر شارك في الحرب في إسبانيا، بما يعني توفر الخبرة القتالية الكافية لتصفية تروتسكي. وكان مير كادر موضع اهتمام أجهزة المخابرات السوفياتية بفضل والدته كاريداد مير كادر ديل ريو، التي كانت تعمل مع هذه الأجهزة، وقالوا إنها التي رشحته للقيام بهذه المهمة.
وعلى طريقة أفلام الجاسوسية، يبدو أن مير كادر التي تم تجنيده لتدبير عملية اغتيال تروتسكى قبل رحيله بثلاث سنوات، كان أعد خطة محكمة للتخلص من حياة الأخير، حيث حاول التقرب من مترجمة وسكرتيرة تروتسكى الشخصية وتدعى سيلفيا أجيلوف، التي تعرف عليها في باريس، ونجح في غوايتها، تحت اسم فرانك جاكسون رجل الأعمال الكندي.
وبعدما نجح في غواية سيلفيا وأصبحت عشيقته، مير كادر إلى المكسيك حيث استطاع معها الدخول إلى عالم تروتسكي، والتعرف على منزله وأحكم خطته، حتى جاء يوم العشرين من أغسطس 1940، وقام بتنفذ جريمته، حين تسلل إلى منزل الأخير، وانقض عليه مستخدماً آلة تشبه الفأس، وهى في الأصل آلة روسية تستخدم في تكسير الجليد والأخشاب، لكنه لم يستطيع أن يفلت بجريمته، حيث استطاع الحراس من الإمساك به، وتسليمه إلى الشرطة وتقديمه إلى القضاء.