ترتبط الصورة الذهنية لأغلب الناس عند الحديث عن الملك الإنجليزى في فترة الحروب الصليبية ريتشارد قلب الأسد، بفيلم "الناصر صلاح الدين" للمخرج العالمى يوسف شاهين، والتي جسد فيه الفنان حمدي غيث، شخصية الأول، وجسد الفنان أحمد مظهر شخصية السلطان صلاح الدين الأيوبى.
لكن الأفلام الدرامية ليست دليلا قاطعا على الشخصية التاريخية التي تقدمها، فالملك الإنجليزى ريتشارد قلب الأسد، حيث ظهر بصورة القائد الذى يدافع عن الدين ويحمى الصليب، وأرض المسيح "القدس" من أيد المسلمين والعرب لم يكن متسامحا ولا طيبا ولا صديقا لصلاح الدين مثلما جاء في الفيلم الشهير، لكنه عرف تاريخيا ومن كتابات مؤرخى عصره بأنه "مجرم حرب".
وتمر اليوم الذكرى الـ 831 على وقوع مذبحة عكا، والتي وقعت خلال الحملة الصليبية الثالثة بعد سقوط عكا عندما كان لدى ريتشارد الأول ملك إنكلترا أكثر من ألفي اسير من جنود ومدنيين مسلمين من المدينة التي استولى عليها وقُتِلوا أمام جيوش صلاح الدين الأيوبي في 20 أغسطس 1191 الذي فشل في مساعدتهم. وعلى الرغم من هجمات القوات الإسلامية خلال عمليات القتل.
والحقيقة أن مذبحة عكا، واحدة من أفظع الجرائم التاريخية التي وقعت في حقبة الحروب الصليبية، وواحدة من جرائم الملك ريتشارد قلب الأسد، التي ارتكب العديد من الجرائم في حق البشرية وليس المسلمين فقط، ولعل جريمته في عكا وثقتها العديد من الكتب التاريخية، منها كتاب "النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية: سيرة صلاح الدين الأيوبى" لـ أبى المحاسن بهاء الدين بن شداد.
ويقول أبى المحاسن بهاء الدين بن شداد في كتابه سالف الذكر "ولما رأى الملعون توقف السلطان ببذل المال والأسرى والصليب، غدر بأسرى المسلمين، وكان قد صالحهم وتسلم البلد منهم على أن يكونوا آمنين على نفوس كل حال، وأنه ما إن دفع السلطان إليهم ما استقر أطلقهم بأموالهم ونسائهم إن امتنع من ذلك ضرب عليهم الرق وأخذهم أسرى، فغدرهم الملعون، وأظهر ما أرادا أن يفعله بعد أخذ المال والأسرى على ما أخبر عنه أهل ملته فيما بعد".
ويذكر الكثيرون ماذا فعل ريتشارد قلب الأسد فى الحملة الصليبية الثالثة عند احتلاله لعكا بأسرى المسلمين فقد ذبح 750 أسيرا من أسرى المسلمين الذين كانوا فى حامية عكا ولقيت زوجات وأطفال الأسرى مصرعهم إلى جوارهم، وذلك كما ذكر كتاب "إنسانية المرأة: بين الإسلام والأديان الأخرى"، وذلك بعدما تظاهر ريتشارد قلب الأسد بأن صلاح الدين أخل بشروط الاتفاق بعد تأخره فى دفع فدية الأسرى، واتخذ من ذلك حجة لذبح أسرى المسلمين، فى الوقت الذى أظهر القائد المسلم صلاح الدين الأيوبى من تسامح وكرم ومروءة وعفو ووفاء بالعهد تجاه الأسرى الصليبين.