عاشت المؤلفة الأسترالية ساندرا جونز حياة ناجحة فقد كان لديها حياة مهنية رائعة، ومنزل جميل، وزوج مهتم، وابنين محبين، وأصدقاء داعمين، ولكن من الداخل كانت تكافح وشعرت دائمًا بالإرهاق، فقد كانت مقتنعة أن تحدياتها في الحياة اليومية تعني فقط أنه يجب عليها أن تبذل جهدًا أكبر في المضى قدمًا مع إصابتها بالتوحد.
وفى كتابها "النمو مع التوحد" تكشف ساندرا جونز كيف أنها عاشت العالم بطريقة مختلفة بشكل ملحوظ لإصابتها بالتوحد فطوال حياتها كانت تخفي نفسها الحقيقية مع تكلفة جسدية وعقلية وعاطفية كبيرة، ومن خلال تطبيق مهاراتها كباحثة ذات خبرة وخبيرة، تعمقت في الأدبيات المتعلقة بالتوحد لدى البالغين ، وتعلمت أكثر بكثير.
تقول ساندرا جونز في كتابها: "جاء إدراكى بأنني مصابة بالتوحد ببطء وعلى شكل أجزاء، عندما أنظر إلى الوراء، كانت أولى التلميحات في سنوات المراهقة، وانتشرت العديد من القرائن الأخرى خلال مرحلة البلوغ".
وتضيف: "عندما كنت أدرس للحصول على درجة البكالوريوس في الآداب ، أخذت بعض دروس علم النفس، لقد استمتعت بمعرفة المزيد عن هذا "الاضطراب" ولكنني كنت أجاهد أحيانًا لفهم لماذا بدت لي بعض السلوكيات المميزة (التشخيصية) أفكارًا ومشاعر وأفعالًا طبيعية جدًا، كنت في ذلك الوقت أفكر بجدية في الاستمرار في تخصص علم النفس ، ولكن نصحني مستشار المهن بالجامعة بأنه لا توجد وظائف كثيرة لعلماء النفس وربما لم يكن لدي "مهارات التعامل مع الأشخاص" لتلك المهنة.
وتحكى عن معاناتها مع إصابة أبنائها بالتوحد فتقول :"أصبحت أماً. واجه ابني الأول بعض الصعوبات في الرعاية النهارية ومرحلة ما قبل المدرسة، حيث عبر المعلمون عن رأي مفاده أنه يعاني من اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD). اقترح أحد المهنيين الطبيين التوحد كاحتمال، لكنني لم أكن مقتنعة. لم يكن مثل الأطفال المصابين بالتوحد الذين قرأت عنهم. كان ذكيًا، وصريحًا، ومضحكًا، ومحبًا. اعتقدت أنه كان مثاليًا كما كان، لكن مع تقدمه في المدرسة تعلم أن يتصرف مثل أي شخص آخر - وهو نمط كان يجب أن أدركه".
وتستكمل وصف رحلتها مع أبناء أصيبوا باضطرابات: "كان ابني الثاني يعاني من تحديات أكبر وفي عمر السنتين تم تشخيص حالته على أنه مصاب بالتوحد. خلال السنوات القليلة التالية ، قرأت كل ما استطعت أن أجده عن التوحد بالنسبة لي، كان "النجاح" هو أن يكون سعيدًا ، ثم نما إلى شاب رائع يتمتع بقلب كبير وموهبة كبيرة في الكتابة الإبداعية، ويجعلنا فخورين كل يوم".
وتؤكد أنها مع نمو أطفالها واصلت التعرف على مرض التوحد ولكن مر وقت طويل قبل أن تعرف حقيقة أن الإناث يمكن أن يصبن بالتوحد مضيفة:" مر وقت طويل قبل أن أبدأ في قبول أنه ربما كانت أوجه التشابه العديدة بين أفكار وسلوكيات وتحديات أبنائي وأفكارى ناتجة عن نمط عصبي مشترك وليس مجرد جينات مشتركة."
بعد التفكير في هذا الاحتمال لمدة عام تقريبًا، كانت خطوتي الأولى مع ابني الأكبر، سألته عرضًا: "هل تعتقد أنه من الممكن أن أكون مصابة بالتوحد؟" فقال: "نعم، أنا متأكد من أنك كذلك، من أين تعتقدين أننا حصلنا عليه؟"، ومع بعض الخوف سألت زوجي نفس السؤال، لم يكن رده كما توقعت فقد قال: "لقد عرفت ذلك منذ أن قابلتك".
يذكر أن البروفيسورة ساندرا ثوم جونز تعمل في الجامعة الكاثوليكية الأسترالية. كما تقود أيضًا برنامج البحث عن التوحد، وقد أجرت العديد من المشروعات البحثية بالشراكة مع مجتمع التوحد حول تجارب الأشخاص المصابين بالتوحد والمعرفة والمواقف تجاه التوحد في المجتمع.